رواية يسرا الجزء الاول
في تهدئته تغيير نظام العلاج ليس له معنى سوى بأن مرض والدته انتقل لمرحلة أكثر تعقيدا وخطۏرة رغم العملية الجراحية الناجحة على عكس كل التوقعات التي أجرتها منذ عام قابلها أخيرا وجه لوجه غير متشبثة بنظرة عبوس ولا متظاهرة بنوم عميق تقف أمامهترتجف بشبه إهتمام
.. هيا عامله إيه دلوقتي
.. لو تهمك أوي ادخلي اسأليها واتطمنى عليها
زمت شفتيها وقالت
.. طالما أنت عاوز كده
عندها قاطعها پغضب بالغڠضب استعر به كلا فهو لن يطلب شفقتها على أمه
.. لاء أنا مش عاوز كده لكن لو يهمك أدي الأوضة وأدي الباب...اكبرى ياسالي أنت مش لسه عيلة صغيرة
تحرك من أمامها لأنه كان يعلم جيدا أنه لا جدوى للحديث وأنها أبدا لن تطرق باب الغرفة وتدخل لتطمثن عليها كما تدعي الاهتمام وهو كان غير راغب بذلك المشهد نظراته لم تعجبها ولم تعجبه على حد سواء ما لهيتطلع إليها كأنها آخر إذ مرأة على ظهر الكون وهو الذي كان ساكنا في محراب زوجته الراحلة حتى بعدما توارت تحت الثرى عدلت عويناتها مرة أخرى وهي تحدث نفسها .. هكذا هم الرجال يدفنون الوفاء بقبور زوجاتهم ..ثم تابعت بصوتها الرخيم الهادىء
وضعت القلم في إنتظار لرد فعل من جاسر الصامت على مدى ساعات النهار متجاهلة تماما تعلق أسامة بقسماتها واعتبرته اليوم كليا فقد عقله بعد رحيل زوجته وابنته الوحيدة بل منذ عودته مچنون وليس على المچنون حرج
.. أنا أول مرة آخد بالي من لون عينيكي
تلك العبارة كانت كفيلة بإخراجه من عزلته الباردة التي كان يعتنقها من حين لاخر
.. مالها سأل بإهتمام
رمقه جاسر بنظرة لائمة وهو يقول
.. الدكتور بيقول أن الموضوع نفسي أكتر ومع ذلك هيغير العلاج
وأردف
.. وأنت بطلت تسأل عليها أو تزورها
همهم بإعتراض
.. ما أنت عارف
.. أيه الشغل ولا لون عيون درية !
.. آشري إيه المفاجأة دي
.. أتمنى تكون مفاجأة لطيفة
.. أكيد طبعا يا بيبي هاه تحب أطلبلك إيه
.. مافيش داعى يا زياد ..أنا بس حبيت أسلم عليك قبل ما أسافر طيارتي كمان ساعتين
عقد حاجبيه بتعجب بالغ وقال بسخرية مريرة
.. لا والله وفجأة كده قررت تسافري وأنا إيه آخر من يعلم!
نظرت له بهدوءلم يتغير قط هي فقط أصبحت تراه الآن أفضل من أي وقت مضى
.. هوا فعلا حصل فجأة بابا تعبان شوية والتحاليل مش كويسة أوي حجزتله متابعه مع الدكتور بتاعه في ألمانيا ..الموضوع تم بسرعة ومكنتش عاملة ترتيب وقلت أهي فرصة
قام واتجه نحوها وهو لازال عاقدا الحاجبين يود استكشاف ما هيئتها المثالية الباردة وهي متمسكة بقناع جليدي أعلى قسماتها قائلا بتمهل
.. فرصة لأيه بالظبط
اقتربت منه وهي تعدل من ربطة عنقه قائلة بصوت خاڤت
.. اتطمن على بابا بنفسى المهم خد بالك أنت من نفسك
ابتسم وقال
.. متقلقيش عليا
فجأة وتركته بعدها مترنحا من أثرها ورحلت رحلت ولم يرى سوى ظلها يتخافت رويدا رويدا مع رحيلها بل ولم يرى دمعتها الحبيسة بعيناها والتي توارت خلف نظارتها الشمسية القاتمة.
يكاد حرفيا ېقتله ذاك الجنون الغاضب الذي يعتمل بصدره وأنفاسه الحاړقة بدلا من أن تمده بالأوكسجين ټخنقه! حل قليلا ربطة عنقه التي يلتزم بها لآخر النهار وهو يتطلع مجددا لصورة أخيه الأصغر الضاحك برفقة أحدى بطلات ماضيه المشحون وتأملها لقليل من الوقت لم تكن نظراته عابرة عشرة أعوام مضت بل إحدى عشر ليكون أكثر دقة لازالت كما هي بل ربما ازدادت جمالا وقسۏة خصلاتها الطويلة ربما تقاصرت للنصف لكن عيناها الفيروزية لازالت تتمتعان بالغموض الذي لا يخبو مع مر الزمان بل يزداد تألقا ورغم ذلك استطاع قراءة ماورائها بقليل من الجهد فمنذ ثالث لقاء لهما أفصحت عن حب جارف له وعلاقة استمرت أربعة أشهر ومع ذلك ببرود تخطاها نحو صالح العائلةلا أكثر لم يكترث لقلبها ولا دقاته التي خبتت مع هجرانه لها ولا لكبرايائها التي سحقها هو بعنفوان تام تحت مسمى كبريائي الأبقى والأعلى شأنا ففارق العمر بينهما كان يصل لعشرة أعواما كاملة ولكن لم يكن هذا العائق الوحيد بينهما بل كان والدها أمين