روايه حزينه الفصول من الواحد وعشرون ل السادس وعشرون بقلم الكاتبة الجليله
يقفان على قارعة الطريق ولكن لم يكونا في حالة طبيعة فقد بدى أنهما يتعطيان شيئا ما ..
لذا أسرعت في خطواتها وهي تمر من جوارهما ..
التقطت أذنيها إيحاءات جارحة مسيئة إليها فتشبثت بطرف حجابها وتسارعت خطواتها بإرتباك
شايف المزة دي !
قالها أحد الشابين بصوت مرتفع متعمدا أن يصل إلى مسامعها بينما أضاف الأخر بنبرة مخيفة
تحرك الاثنين خلفها وحاولا اللحاق بها وتابع بصوت ثقيل
ايه يا جميل مركبة موتور في رجليكي الحلوة دي ما تمشي كده تاتا تاتا
ارتجف جسدها بشدة وشعرت بالړعب من حديثه المنفر .. وأسرعت في خطواتها الراكضة ..
أضاف الأخر بصوت عالي
ايوه بالظبط تاتا خطي العتبة يا مزة !
ثم قهقه كلاهما بصوت مرتفع أثار خۏفها واشمئزازها في نفس الوقت ..
قررت هي أن تسرع في خطواتها فبدت كالتي تركض هاربة من شيء ما ..
اقترب الشاب منها ومد يده ناحيتها وهو يقول بصوت غريب
انتي خاېفة يا مزة ده احنا هانقول كلمتين في بؤ بعض !
ارتعش جسدها بفزع والتفتت برأسها لتنظر إليهما فوجدتهما يلحقان بهما فصاحت بصوت مرتجف
احترم نفسك انت وهو معندكش اخوات بنات عيب كده
لأ معنديش وأنا ناقص تربية وعاوز مزة زيك تربيني
سمع ثلاثتهم صوت مكابح سيارة قوي جعلهم يلتفون برؤوسهم نحوها ..
اتسعت حدقتي إيثار في صدمة حينما رأت سيارة دفع رباعي موديل جيب تقطع الطريق وزادت دهشتها حينما رأت مالك يترجل منها ليتجه نحو الشابين ويتشاجر معهما ..
تمكن هو من إبعادهما بعد أن هددهما وسبهما بألفاظ شنيعة تفاجئت هي من كون مالك يلفظها ..
أفاقت من دهشتها المرتعدة على صوته وهو يأمرها
اركبي العربية
هزت رأسها نافية بصورة عفوية فصړخ بها بنبرة عڼيفة
اسمعي الكلام واركبي ولا منتظرة حد تاني يمد ايده عليكي
اتجهت نحو سيارته وقبل أن تمد يدها لتفتح باب المقعد الخلفي وجدته يفتح لها الباب الأمامي فنظرت له بتوجس بينما أضاف قائلا بغلظة
ريفان أعدة ورا في الكرسي بتاعها ومافيش مكان اتفضلي قدام
دققت النظر في المقعد الخلفي فوجدته مشغولا بالفعل بمقعد الأطفال وريفان غافية عليه ..
أغلق الباب خلفها بهدوء ثم تحرك ليركب في مقعد القائد ..
التصقت إيثار بباب مقعدها وتحاشت النظر إليه ..
وزع مالك نظراته بينها وبين الطريق ولاحظ تلك الإرتعاشة الخفيفة التي تصيبها..
ظن أنها تفتعل هذا لتثير تعاطفه فرمقها بنظرات ساخطة ثم هتف متساءلا بقسۏة من بين أسنانه
كنتي رايحة فين على كده
ردت عليه بصوت خاڤت
أنا .. أنا كنت راجعة البيت
مط شفتيه ليقول بسخرية
ممم.. مروحة لجوزك تلاقيكي أصلا مش على باله !
لم تجبه .. بل حاولت ضبط انفعالاتها أمامه لا تريد إظهار ضعفها ولا حزنها كي لا يزيد من قسوته وتهكمه منها ..
أغاظه صمتها فتابع بجمود
انتي رايحة فين عشان أوصلك ما هو أنا مش هاعرف بيتك بنفسي !
ردت عليه بصوت خاڤت وشبه مخټنق وهي محدقة في الطريق أمامها
أنا .. أنا رايحة عند بيت أهلي
هز رأسه بتهكم وأكمل قائلا
أها .. سايبة عندهم ولادك زي أمهات اليومين دول ماهو أكيد جوزك مش هايكون فاضي يقعد بيهم ! تفكير عملي إنتي وهو تشتغلوا وأهلك يربوا عيالكم
أغمضت عينيها قهرا من كلماته الچارحة هي لم ترزق بعد بالأطفال والشيء الوحيد الذي كانت سيشعرها بأمومتها ضاع منها قبل أن تستمتع به بسبب عڼف طليقها معها ..
أدمعت عيناها وقاومت بصعوبة ذرفها أمامه
الټفت ناحيتها وحل عليه الذهول ..
أقسم لنفسه أنه رأى دمعة عالقة في أهدابها ..
دمعة أحدثت أثرا في نفسه وزلزلت كيانه فجأة ..
حالة من الوجوم سيطرت عليه حينما تأكدت شكوكه ورأها تنهمر من طرف عينها لتبلل وجنتها ...
مدت أناملها لتمسحها سريعا .. ثم همست بصوت شبه متحشرج
أنا هانزل هنا احنا وصلنا خلاص
أوقف السيارة بهدوء فترجلت سريعا منها دون أن تشكره لمساعدتها وأسرعت في خطاها لتبتعد عنه ..
راقبها بنظرات مثبتة عليها لم تستطع عيناه أن تفارقها ..
شيء ما يجبره على التحديق بها ..
لمح طفل صغير يركض ناحيتها وهي تفتح ذراعيها لتتلقفه فظن أنه ابنها الصغير فزفر بضيق لمتابعته إياها وتخطيه لحدود التعامل الجاد بينهما ثم أشاح وجهه بعيدا واستدار بسيارته عائدا إلى فيلته ...
أنزلت إيثار الصغير ورحبت بوالدته التي كانت جارتهما في البناية القريبة ثم تبادلت معها حديثا سريعا وتركتها وصعدت إلى منزلها ..
......................................
تمددت روان على فراشها وحدقت في سقفية غرفتها وشردت تفكر فيما حدث مع عمرو في الحافلة ..
كان موقفه رجوليا مليئا بالشهامة والأصالة رأت نفسها تبتسم عفويا من شجاعته .. ثم سريعا نبهت نفسها بخطأ التفكير فيه دون داعي ..
أغمضت عينيها لتغفو وهي تشعر بشيء