رواية ندي الفصول من 41-50
قديمة تجمعها به ! ......
..............
_ الفصل الثاني والأربعون _
تحركت مهرة تجاه باب المنزل بعدما ارتفع صوت رنين الجرس .. كانت ترتدي ملابس منزلية بسيطة .. بنطال أبيض قصير ويعلوه تيشرت أسود بنصف أكمام وترفع شعرها الكستنائي بمشبك تاركة الحرية لبعض الخصلات لتنسدل بانسيابية فوق وجهها من الجانبين وبيديها تحتضن صحنها المسائي المفضل الممتلئ بالفشار .
لم تمهل نفسها اللحظة حتى لتدارك الوضع بل تراجعت وأغلقت الباب في وجهه بسرعة .. وهي تزدرد ريقها بتوتر وذهول .. انخفضت انظارها على ملابسها وهيئتها الغير منظمة أبدا .. فعقدت الحسم بأنها لن تفتح له أبدا .. لكنها سمعت صوته الاجش وهو يطرق بلطف على الباب ويهتف _
الساعة الحادية عشر قبل منتصف الليل .. هل فقد عقله أم ماذا ! .. ماذا يفعل أمام منزلها بهذا الوقت ! .
اسندت صحن الفشار فوق المنضدة واقتربت من الباب لتفتح النافذة الصغيرة في الباب وتحدثه بوجهها فقط من خلف الباب _
_ بتعمل إيه ! .. إنت عارف الساعة دلوقتي !!
_ افتحي الباب ولا هتكلميني من البتاع ده
مهرة بحدة وتوتر ممزوج بنبرة صوتها القوية _
_ امشي !
آدم بصوت رجولي صارم _
_ مش قبل ما نتكلم
مهرة باغتياظ _
_ ايه هنتكلم في أمور دولية وأنا معرفش عشان تيجي في الوقت ده
آدم بعصبية _
_ مجتيش الشركة ليه !
مهرة ببرود وابتسامة سمجة _
_ لا والله دكتور إيه ده !!
مهرة بهدوء مستفز _
_ مخ وأعصاب
رفع كفه مغلقا قبضته بقوة وهو يجز على أسنانه ويهتف بانفعال _
_ مهرة بلاش تجننيني أنا على أخرى أساسا افتحي الباب
_ عارف لو زوزا شافتك هتعلقك في مروحة الصالة .. وما ادراك ما مروحة الصالة
_ اللهم طولك ياروح
تنهدت هي بخنق وأجابته أخيرا بجدية ولهجة حازمة بعد ثواني _
_ أنا مش جاية الشركة تاني .. لقيت شغل في مكان افضل وهشتغل فيه .. ممكن بقى تمشي من فضلك وبلاش مشاكل وفضايح
آدم بشيء من الاستنكار والڠضب الملحوظ فوق معالمه _
_ مكان افضل !! .. وعايزة تسيبي الشغل ليه !
_ أسباب شخصية واظن اني مش مجبرة اوضحلك
مصمص شفتيه باستياء واضح فوق معالمه اللطيفة التي باتت حادة ومريبة .. ثم مسح على ذقنه بقوة وحدقها بصمت للحظات قبل أن يهدر بنبرة حازمة لا تقبل النقاش _
_ طيب طلب الاستقالة اللي هتقدميه احب اقولك إنه مرفوض من دلوقتي .. وبكرا هستناكي في الشركة عشان نتكلم تاني ولو مجتيش متلومنيش على اللي هعمله
ثم استدار وهم بالانصراف لكنه توقف والټفت برأسه إليها يهتف متذكرا _
_ اه وياريت تردي عليا لما اتصل بيكي
تابعته بنظراتها المدهوشة وهو يرحل .. لا تصدق تصرفاته أو حتى ما يقوله ولا مجيئه إليها بهذا الوقت بسبب عدم ذهابها للعمل وعدم ردها على اتصالاته المتكررة منذ الصباح .
ابتعدت عن الباب بعدما اختفى عن انظارها وأغلقت باب النافذة وهي تضحك بعدم استيعاب وذهول رافعة حاجبها باستهزاء !! .
فتح باب المنزل ليدخل ويغلق الباب خلفه بهدوء ثم يقود خطواته البطيئة تجاه الدرج ليصعد للطابق الثاني ثم يسير نحو غرفة ابنته أولا .
فتح الباب بهدوء شديد ودخل .. كانت نائمة في فراشها بسكون تام وتحتضن بين ذراعيها دميتها الصغيرة المفضلة لديها .. أخذ نفسا عميقا واقترب من فراشها ليجثى أمامها على الأرض ويمد كفه يملس فوق شعرها برقة هامسا في بحة رجولية مؤثرة _
_ أنا آسف يابابا .. آسف ياحبيبتي
ثم تابع بعد لحظات بنبرة أكثر ألما _
_ الڠضب عماني ومكنتش عارف أنا بعمل إيه .. مفيش حد ولا حاجة تستاهل إني اخسركم بسببها .. وجودك هو اللي مقويني ياحبيبة بابي .. إنتي اجمل هدية من ربنا .. للمرة التانية كنت هكسر ثقتك فيا إنتي وماما واضيعكم من إيدي بسبب تسرعي
ثم اقترب بوجهه منها وانحنى على وجنتيها يطبع قبلة حانية متمتما بصوت مبحوح وعينان لامعة بالدموع _
_ سامحيني
وفور تراجعه بوجهه بعيدا عنها انهمرت دموعها رغما عنه ولم يتمكن من حپسها أكثر .. فقد ضاقت نفسه واختنق صدره من تجسيد القوة والجبروت .. ألا يحق له أن يبكي كالبشر لدقائق ! .
استعاد بأسه بعد دقائق واستقام واقفا ثم أن لثم جبهة صغيرته للمرة الأخيرة قبل أن يستدير ويغادر متجها نحو غرفته .
كانت جلنار أيضا بثبات عميق وتدثر جسدها بالغطاء إلى منتصف صدرها وشعرها وجد طريقه ليخفي عيناها ونصف وجهها .
_ بحبك يارمانة قلبي
اتسعت ابتسامتها دون أن تفتح عيناها واقتربت منه أكثر تستشعر