رواية دعاء كاملة
اليوم اللى قلتيلى فيه احمينى منك يا فارس ..
رفعت رأسها إليه قائلا
محدش فى الدنيا دى ېخاف عليكى قدى صح ولا لاء
أومات برأسها وقد شعرت ببعض الهدوء النفسى يغلفها على اثر كلماته الرقيقة وووضعت رأسها على صدره بهدوء
فمسح على ذراعها بهدوء وهو يقول
لازم تتأكدى من كده كويس أوى أنا هفضل طول عمرى حمايتك وأمانك حتى من نفسى أنتى يا مهرة مش حببيتى وبس ومش مراتى وبس أنتى بنتى وأختى قبل اى حاجه تانيه وزى ما كنت بخاف عليكى وانتى لسه بيبى بين ايديا
اتسعت ابتسامتها ورفعت رأسها إليه
انتى صدقتى ولا ايه ده انتى عبيطة اوى ......
لم تكن تلك الليلة هى ليلة عاديه فى عمرهما كانت بداية جديدة لعمر آخر ...
فارس آخر ومهرة اخرى يطوفان حدائق حبهما فى سكون وصمت يهدى كل منهما رحيقه طواعية وحب أصبح الاخذ هو العطاء والعطاء هو الاخذ اختلفت المقاييس توحدت الأنفس اصبحت كيانا واحدا يتنفس برئة واحدة يبتسم بثغر واحد روحا واحدة جسدا واحدا ... وقلبان ينتفضان عشقا ...
وقالت
أنا جسمى قشعر من جمال وروعة المنظر الخلاب ده .. شفت عظمة ربنا فى ابداعه ..
أجابها فارس بعد أن قبل كفها بحنان
اومال لو شفتى الاجمل والاروع من المنظر ده هتقولى ايه
رفعت رأسها تنظر إليه فى فضول كبير قائلة
قال وهو ينظر إلى عينيها الواسعتين
عنيكى
أحمرت وجنتيها خجلا وقالت بخجل
بطل يا فارس
قال بحب
انا بتكلم جد ..أنا لما بشوف عنيكى بنسى الدنيا كلها وبحس أنى فى الجنة ...
أنا معرفتش طعم الحب الا وأنا معاكى .. عشت حياتى قبلك فى وهم وانا فاكر أنى بحب غيرك ..
عشت أكبر كدبة فى حياتى .. لكن لما عرفت أنى بحبك دوقت ساعتها طعم الحب الحقيقى ...
من ساعة ما أتخرجت من الجامعه وأنا بحلم ابقى وكيل نيابة وكنت بذاكر وأطلع الاول وكنت عايش دور وكيل النيابه بس مع وقف التنفيذ ...
لحد ما أتجوزت وكنت فاكر أنى بحبها وهى بتحبنى وبعد ما عرفتها على حقيقتها والناس فاكرانا متجوزين ومتفاهمين وبنحب بعض ميعرفوش اننا متجوزين مع وقف التنفيذ ...
ولما اتجوزتك وابوكى كان هيفرق بينا ومكنتش عارف اشوفك كنتى مراتى مع وقف التنفيذ ..
حتى لما فكرت واتحمست أنى أطهر البلد دى من الفساد والسرقه اللى بيحصل فيها عرفت ساعتها اننا كلنا شايفين السړقة والفساد لكن مش قادرين نعمل حاجه وفاكرين نفسنا أبطال بس ... بس كلنا ابطال مع وقف التنفيذ ...
فقالت
تفتكر يا فارس فى أمل بلدنا تتغير
قال بشرود
انا متاكد ان ده هيحصل ... بس عشان ده يحصل لازم نكون كلنا إيد واحدة لازم الشعب ده يفوق من الغفلة اللي عايش فيها من سنين طويلة... إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم... ده مهما كان حجم الظلم والطغيان اللي موجود في البلد مش هايقدر يقف أدام ثورة الناس كلها ...
بس الخۏف كله إن لو الشعب عمل ثورة فعلا وما غيرش نفسه ... يعني فضلوا على نفس أخلاقهم السيئة وفضلوا يظلموا في بعض برضه .. هاتبقى ثورة بس مع وقف التنفيذ وعلشان كده أنا خاېف ييجى يوم وحتى الحلم ده يبقى
مع وقف التنفيذ ...
تمت بفضل الله
بقلم دعاء عبد الرحمن
وقف عمرو أمام هذا المبنى الكبير الكائن فى أحد الأحياء الراقيه فى قلب القاهرة وتنقلت عيناه بين الافتات الكثيرة فى ذلك المبنى الضخم ما بين لافتات عيادات أطباء كبار وبين شركات متنوعه أستيراد وتصدير ومقاولات وشركات هندسيه .. وهنا توقف نظره على أحدى الافتات الكبيرة والتى من الواضح أنها تحتل أكثر من ثلاثة طوابق فى المبنى الكبير ... مشى ببطء داخل ردهة شركة الهندسه الخارجيه يتأمل الفخامه والديكور المميز الذى يدل على ذوق رفيع وبذخ فى الانفاق..
ظل يجول ببصره حتى سمع صوت أنثوى يقول بلباقة
أهلا وسهلا يا فندم أقدر أساعد حضرتك أزاى
أنتبه على صوت السكرتيرة ونظر إليها متفاجأ وقال هه..اه..أنا المهندس عمرو مصطفى عندى معاد النهارده مع صاحبة الشركة
أبتسمت السكرتيرة وهى ترفع سماعة الهاتف وتضغط أحد الازرار قائله
البشمهندس عمرو مصطفى وصل يا فندم
وضعت السماعه ونهضت واقفة وسارت أمامه وهى تشير للداخل قائله بروتينيه
أتفضل يا بشمهندس ...
فتحت الباب وأشارت له بالدخول وأغلقت الباب خلفه ..خطى عمرو داخل المكتب وهو ينظر الى تلك المرأه القابعه خلف مكتبها تنظر له بابتسامه وعينين متفحصتين...مدت يدها وصافحته قائله
أهلا وسهلا يا بشمهندس ..اتفضل أرتاح
ثم قامت بالتعريف بشخصها قائلة
أنا البشمهندسه الهام مديرة الشركة ومرات البشمهندس علاء صاحب الشركه
أبتسم عمرو وهو ينظر إليها جالسا..كانت امرأة فى أواخر العقد الرابع من عمرها شارف الزمان على طوى نضارة شبابها ولكن من الواضح أنها تعانده بشده وتصر على محاربة الايام بالازياء الحديثة التى لا تليق بعمرها والزينة المتكلفة التى هى سلاحھا الدائم فى هذه المعركة و من الواضح أنها قاتلت فيها باستماته فلم تخسر منها الكثير...
كانت نظرته إليها استكشافيه لم تخلو من الفضول
ولكن نظراتها هى قد تبدو مختلفة ومتباينة أكثر وذات معنى لم يفهمه عمرو للتو...
وأخيرا تكلمت وهى تتصفح ملفه الخاص الذى بين يديها
قائلة
ملفك عاجبنى أوى يا بشمهندس .. تقديراتك حلوه أوى ..مش ناقصه غير الخبره بس ..ودى سهله اوى ..
هنا هتتعلم كل حاجه وخبرتك هتبقى أكبر مما تتوقع
قال عمرو بتلقائية
أن شاء الله يا فندم ..أنا اصلا بتعلم بسرعه والشغل معاكوا هنا مكسب لاى حد لسه متخرج زيى
أبتسمت فى رضا وضغطت أزرار هاتفها قائله وهى عيناها لا تفارق عمرو
أبعتيلى البشمهندس صلاح بسرعه
أغلقت الهاتف وهى مازالت تتفحصه بابتسامتها العذبه .. شعر عمرو بالحرج فقال
طيب أنا ممكن استنى بره مش عاوز أعطل حضرتك اكتر من كده
أنتبهت لعلامات الحرج التى ظهرت على ملامحه فعادوت النظر الى ملفه مرة أخرى وهى تغلقه قائلة
البشمهندس صلاح هيجى دلوقتى علشان يعرفك طبيعة عملك و يوريك مكتبك ويعرفك على زمايلك فيه...طرق الباب ودخل المهندس صلاح ...رجل فى أواخر العقد الخامس من عمره يظهر عليه الوقار والنشاط فى نفس الوقت ..دخل وهو يرمق عمرو بنظرات خاليه من أى تعبير وقال موجها حديث لألهام
خير يا بشمهندسه
قالت بترفع وهى تشير الى عمرو
البشمهندس عمرو مهندس مدنى هيبدأ معانا من النهارده وهيبقى تحت مسؤليتك يا بشمهندس
أومأ براسه لها ثم نظر الى عمر بأبتسامه ودوده قائلا
أهلا بيك يا بشمهندس أتفضل معايا
نهض عمرو شاكرا إياها وتوجه فى سرعه للخارج وكأنه يهرب من وحش نظراتها الملنهمه
دخل حجرة مكتبه بصحبة المهندس صلاح الذى قال
إن شاء الله الشغل معانا هيفيدك كويس اوى فى بدايتك يا بشمهندس ..
رفع الزملاء نظرهم إلى القادم الجديد فأشار المهندس صلاح إليه قائلا
البشمهندس عمرو هيبقى معاكوا فى المكتب من النهارده
ثم قام بتعريفهم لديه وهو يشير إليهم قائلا
البشمهندس أحمدالبشمهندس نادر
صافح عمرو زملاءه فى ترحاب شديد شعر به مع أحمد ولكنه شعر بعكسه تجاه نادر الذى صافحه ببرود وهو يبتسم له بتهكم ..
لم يوله عمرو اهتمام وجلس خلف مكتبه وهو ينظر له وللكمبيوتر الخاص به بنشوة وسعادة ..كانت هذه هى المرة الاولى التى يشاهد فيها الكمبيوتر خارج أسوار الجامعه فهو لم يكن قد انتشر فى هذا الوقت ليصل للجميع بعد......
هتفت أم يحيى بصوت اشبه للبكاء قائلة بلوعة
أنا خاېفه على البت يا ست أم فارس ..أنا حاسه كده أن مخها متأخر عن سنها ..مش زى زمايلها فى المدرسه ابدا
نظرت لها أم فارس بدهشة كبيرة وقالت
ما تصلى على النبى كده يا أم يحيى إيه الكلام اللى بتقوليه ده..مهره ذكيه وكنت بشوفها وفارس بيذاكرلها بتجاوب لهلوبه
تكلمت أم يحيى بحنق شديد وقالت بإنفعال
أومال ليه كل ما اقعد أقولها سمعى ولا حلى وأخوها يسألها سؤال مبترضاش تجاوب ..وغير كده البت زى ما تكون عبيطه كده وشعنونه مش عارفلها حاجه
وضعت أم فارس يدها على صدرها وقطبت جبينها قائله عبيطه!!! بقى مهره عبيطه..لاء ده انتى شكلك متعرفيش بنتك كويس بقى....
قاطعها ان سمعت صوت قرع جرس باب الشقه فنهضت وفتحت الباب وقالت بترحاب شديد
أهلا يا عزة يابنتى تعالى
وقفت أم يحيى لمصافحة عزة ثم قالت بحرج
طب استأذن أنا بقى يا ست أم فارس
جلست أم فارس بجوار عزة وقالت بحنو
ها يا حبيبتى تشربى معايا قهوة ولا اجيبلك
حاجه تانيه
تمسكت عزة بذراعها قبل أن تنهض وقالت بسرعه
لا يا طنط أنا مش غريبه وبعدين انا ماشيه على طول ..ثم تنحنحت بحرج قائله
أنا بس كنت عاوزه أخد رايك فى حاجه كده
خير يا عزة شكلك كده فى حاجه مهمه
شعرت عزة بإضطراب شديد أبتلعت ريقها بصعوبه وقالت
بصراحه يا طنط أنا جايه أخد رايك فى عمرو..أصلك يعنى أتعاملتى معاه عن قرب اكتر مننا بحكم انه صاحب فارس من زمان يعنى
ابتسمت أم فارس وهى تنظر لعزة المطرقة براسها لاسفل..فهى تعلم أنها ما ارادت رأيها وأنما أرادت رأى فارس ..
مازالت متعلقة بالأمل مازالت ترغبه ... تود أن يقول لها لا تتزوجيه أرفضيه فسأصبح لكى فى يوم من الايام ..
أفاقت أم فارس من شرودها على صوت المفتاح يدور فى باب الشقه
ورأت فارس يدخل ويغلق الباب خلفه مبتسما لهما وهو يقول
السلام عليكم ..أزيك يا عزة
أبتسمت عزة وهى تنهض واقفة فى حرج وقالت
وعليكم السلام أزيك أنت يا فارس أخبارك أيه
تعجبت عزة أنه لا ينظر إليها وهو يحادثها ولكن قلبها خفق بشدة واصفر وجهها حينما سمعته يقول
ولا بلاش يا ستى أناديكى بأسمك كده لعمرو يزعل ولا حاجه ..أنا بعد كده هقولك يا مدام عمرو بقى وأخلص ..
أخذت حقيبة يدها بضيق وهى تعلقها على كتفها وتقول بتبرم
أنا لسه مبقتش مراته علشان تقولى مدام عمرو ..ثم أنحنت وقبلت أم فارس بسرعه وقالت لها وهى على عجلة من أمرها
معلش يا طنط اصلى افتكرت حاجه مهمه عن اذنك
وخرجت سريعا وكأنها تهرول من بيته ..لا بل تهرول من صدى صوته التى مازال يتردد على مسامعها بكلماته التى أغضبتها وجعلتها تحسم أمرها سريعا ..فلم تعد فى حاجه الى أن تستمع لرأيه فى شأن خطبتها من عمرو ..لقد أجابها دون سؤال
نظر فارس إلي