السبت 30 نوفمبر 2024

رواية دعاء كاملة

انت في الصفحة 57 من 66 صفحات

موقع أيام نيوز

تمضى
لمح والدها عزة تقف بين النساء فنادى عليها فاقبلت سريعا وكأنها تنتظر هذا النداء لتلقى نظرة سريعة على عمرو الجالس بجوار فارس وبلال راقب عمرو نظرتها فوجدها تبحث عنه وحده وابتسمت عندما وجدته أعطاها والدها الدفتر الكبير وأسرعت هى فى سعادة إلى غرفة أختها التى كانت تحيطها أمها وأم بلال وبعض النساء والجارات المحبات ووضعتها أمامها فى شغف قائلة
أمضى يا عروسة.. يالا ولا رجعتى فى كلامك !
ابتسمت عبير وهى تنظر إلى الدفتر وعزة تشير لها على المكان المخصص لتوقيعها وابتسمت أكثر عندما وجدت توقيع بلال وكأنها تراه هو شخصيا وليس توقيعه فقط شعرت باضطراب وبخفقان شديد فى نبضها وهى توقع بجانبه وساد الصمت حتى أنها شعرت أن الجميع يسمع صوت نبضاتها المتلاحقة تتسارع أيهما ينبض أولا أخذت عزة الدفتر مرة أخرى بعد ان قبلت اختها

مهنئة لها ومباركة لزواجها وسط زغاريد النساء المتعإلية وعادت سريعا لتلقى نظرة أخرى وهى ترد الدفتر لأبيها ولكنها لم تجده مقعده فارغا بحثت بعينيها سريعا فى الغرفة فلم تجده أنتهت الأجراءات بمباركة الجميع وعناق فارس ل بلال فى سعادة كبيرة.
عادت عزة أدراجها خارج الغرفة والمكان مزدحم ظلت تبحث عنه وهى تتجنب الصدام بالرجال حتى خرجت خارج الشقة ألقت نظرة سريعة على السلم وقبل أن تلتفت لتعود سمعته يقول 
بتدورى على حد 
شهقت وهى تضع يدها على صدرها والتفتت إليه سريعا قائلة
فزعتنى
عقد ذراعيه أمام صدره وقال بجدية
سلامتك
أطرقت للأسفل ثم قالت متوترة
سامحتنى ولا لسه
أنت شايفة ايه 
أنت لسه مش على طبيعتك معايا
أطل عمرو برأسه داخل الشقة ثم عاد كما كان وهو يقول 
مش وقته الكلام ده .. بعدين نبقى نتكلم تلاقيهم بيدوروا
عليا
كاد ان يدخل ويتركها ولكنه استدار إليها مرة أخرى وأشار إلى وجهها قائلا
مش عاوزك تحطى مكياج قدام الناس تانى
وضعت يدها على وجهها بتلقائية وقالت 
انت عارف انى مبحطش مكياج بس علشان النهاردة فرح عبير وبعدين الرجالة بعيد عن الستات
أومأ برأسه وهو يقول متهكما
اه صح.. يعنى مدخلتيش عند الرجالة مرتين ومخرجتيش دلوقتى بره الشقة مش كده
قالت منفعلة مدافعة عن نفسها
انا خرجت ادور عليك
لاحت ابتسامة صغيرة على جانبى ثغره ولكنه أخفاها سريعا وقال بجدية مصطنعة 
عموما يعنى انا ماليش حكم عليكى ... براحتك
قال كلمته ودلف للداخل كادت أن تمسك بذراعه لتوقفه ولكن يدها توقفت فى الهواء زفرت بضيق فلم تستطيع استخراج ما بداخله وتركها فى حيرة وكادت أن تظن انه نسيها تماما لولا أخر كلمة قالها وتعليقه على زينة وجهها
تنهدت فى حيرة ودلفت للداخل دون النظر لأحد وقفت أمام مرآة الحمام وأزالت الألوان العالقة بشفتاها ووجنتها وعينيها وأعادة وجهها إلى ما كان عليه فى صفاءه ونضارته الطبيعية
دخلت المراة التى تسببت فى حاډثة وقوع عبير فوق السلم هى وابنتها لا تبارك وأنما لتشمت ولتسخر شعرت بالحقد وهى ترى عبير فى أبهى صورها قبلتها ببرود وهى تبارك لها بكلمات خاوية غير صادقة ومن العجيب أن عبير كانت قد نسيتها تماما ولم تتذكرها إلا عندما سمعتها تسخر وهى تحادث أمها قائلة 
والعريس بقى عدى الخمسين ولا لسه
كادت أم عبير أن ترد بعصبية ولكن أم بلال قاطعتها قائلة بزهو
أبنى الدكتور بلال لسه مكملش ال سنة
وأردفت أم عبير قائلة بحدة
وملتزم ويعرف ربنا
نظرت ابنتها إليها پحقد وهى تردد ... دكتور ! ردت عبير قائلة 
ده الدكتور اللى عالجنى لما وقعت على السلم ورجلى اتكسرت يا طنط
لا تعلم عبير لماذا قالت ذلك ربما أنها فعلت ذلك بداعى أنثوى محض لا يعلمه ولم يختبره غير النساء خرجت المرأة مقهورة هى وابنتها وبعد أن شاهدت بلال وسط الرجال زادت قوة سخطها وقهرتها وهى تراه بلحيته المنمقة التى زادته وسامة وجاذبية وضحكته المجلجلة بينهم التى تنم عن سعادته بهذه الزيجة .
أنفض الجمع وخلا الحبيب بحبيبه ولكن هذه المرة بعيدا عن الأعين المراقبة أعدت أم عبير عشاء فاخرا لزوج ابنتها وتركتهما وحدهما فى غرفة الصالون وتركت الباب مفتوحا وانضمت إلى زوجها فى غرفته بينما كانت عزة تنظف فى المطبخ آثار حفلة زواج أختها فى سعادة وحيرة من أمر عمرو
جلس بلال على المقعد الملاصق لها أمام مائدة الطعام وهو يتأملها بحب كان يتوقع من نفسه غير ذلك فى تلك الليلة التى كان ينتظرها بشغف ولكنه وجد نفسه مرتبكأ أكثر منها أخذ يتفحصها فى سعادة كبيرة وفى صمت أيضا قطعت هى ذلك الصمت ولكن بهمس وقالت بخجل
مش هتتعشى 
أنتبه من سباته وقال على الفور 
اه هاكل طبعا.. ده انا واقع من الجوع
حاول أن يطعمها فى فمها ولكنها خجلت وامتنعت فقال
ايه ده بقى عاوزه تحرمينى الأجر ولا ايه
ألتفتت له متعجبة وقالت
أجر أيه
أبتسم وهو يقول 
متعرفيش حديث الرسول صل الله عليه وسلم إنك لن تنفق نفقة تبتغي بها وجه الله إلا أجرت عليها حتى ما تجعل في فم امرأتك ...شفتى بقى يعنى اللقمه اللى هحطها فى بؤك هاخد عليها أجر
أبتسمت بخجل وهو يمد يده و يضع قطعة صغيرة من اللحم فى فمها ولكن احمرار وجنتها طغى وبشدة وكادت أن يغشى عليها حينما وضع أطراف أصابعه التى لامست شفتيها فى فمه وهو يتذوقها متلذذا و يتأملها قائلا
هى صوابعى طعمها احلو كده ليه
أشفق عليها عندما رأى تلون وجهها بعد عبارته فأراد تغير الحديث وقال بجدية 
أسمعى بقى من هنا ورايح مفيش دلع.. لازم تخفى بسرعة ..عاوزين نخرج مع بعض ونفسى أوى أفسحك ونتمشى مع بعض كده وأدينا فى أيد بعض زى الحبيبة
رأى ابتسامتها فتابع قائلا
خلاص اتفقنا من بكره ان شاء الله هنبدأ تمارين مكثفة
قالت عبير بصوت خفيض
بس هتكسف أجيلك المركز
رفع حاجبيه متعجبا وقال
وتيجى ليه ..أنا اللى هجيلك وهنعمل التمارين هنا ولو احتاجتى للجهاز هبقى اخدك على هناك بنفسى
قالت بحياء وهى تضع خصلة شعرها خلف اذنها 
هنا فى البيت 
مال إلى الأمام وهو يتلمس

خصلتها التى نامت على كتفها وقال هامسا
اه هنا فى البيت هو انت مش مراتى ولا أيه
ثم جعل صوته أكثر عذوبة وهمسا وهو يقول
وبعدين كان فى تمارين مش عارفين نعملها قبل كده.. افتكر بقى دلوقتى هنعملها بسهولة
وقبل أن تجيب اعتدل فى جلسته وقال بشغف 
أمبارح قرأت شعر حلو أوى وحسيت انه مكتوب علشانك انت .. قعدت احفظ فيه طول الليل علشان اقولهولك النهاردة
لم يتلقى منها أجابة إلا صمتها الخجول وعينيها الحيية فبدأ فى سرد ما حفظه من شعر يهديه لها بصوت عذب هامس 
أحبك ... واحة هدأت عليها كل أحزاني
أحبك ... نسمة تروي لصمت الناس ألحاني
و لو أنساك يا عمري ..... حنايا القلب تنساني
و لو خيرت في وطن ..... لقلت هواك أوطاني
إذا ما ضعت في درب ..... ففي عينيك عنواني
أخذت تنصت إليه وهى تشعر أن المكان غير المكان والزمان غير الزمان وكأن الغرفة الصغيرة تحولت لسحابة هادئة تمضى بهما فى رحلة غير مماثلة إلى واحة هانئة ينفث الحب فيها عطره الفواح.
طرق عمرو باب حجرة المكتب الخاص بإلهام ودلف إليها مبتسما أبتسامة روتينية بعد أن ألقى التحية أشارت له إلهام بالجلوس وهى تتأمله متفحصة وارتسمت على شفتيها الأبتسامة المعتادة التى تغزوها كلما رأته ثم قالت بنعومة
أيه يا بشمهندس .. يعنى محدش بيشوفك
لم يستطع أن يغالب المزاح بداخله فوجد نفسه قائلا
وفيها ايه لما يشوفنى يعنى
قطب جبينها وقالت بعدم فهم
هو مين ده !!
رفع حاجبيه وهو يقول
محدش
أبتسمت وهى تضيق عينيها قليلا ناظرة إليه وقالت
ايه ده وكمان دمك خفيف..
وخضعت بنبرة صوتها وهى تردف
مش كفاية ذكى ووسيم وجذاب .. كمان دمك خفيف.. لاء كده مش هاستحمل
أبتلع عمرو ريقه وهو حانقا على نفسه وعلى دعابته هل أصبحت الدعابة تسرى فى دمه لهذه الدرجة فلا يستطيع وضع احاديثه فى نصابها الصحيح ومع الشخص الصحيح رآها تنهض من مجلسها وتقف خلفه وقالت 
عمرو.. أنا عاوزه اتكلم معاك شوية بره الشغل ... أنت بيبقى وراك حاجة بالليل
قالت كلمتها الأخيرة هذه وهى تلامس خصلات شعره من الخلف مما جعله ينتفض واقفا وبحث عن مخرج مناسب لا يتسبب فى أنهاء حياته العملية من الشركة ولكنها لم تنتظره طويلا واعتبرت صمته تفكير فى الأمر فاقتربت أكثر لتحثه على الموافقة وتعده بما ليس له بل وليس من حقه بدنوها منه إلى هذه الدرجة حتى شعر بانفاسها من خلف أذنيه واشتم رائحة عطرها النفاذ تزكم أنفه رغما عنه لتوقظ بعض مشاعره الدفينة وشعر بدفء جسدها بملامسة ظهره وسمعها تقول بهمس كالفحيح
أيه رأيك نتعشى سوا الليلة
وفجأة فتح الباب ودلف صلاح فى عجلة
من أمره ولكنه توقف أمام ذلك المشهد عمرو واقفا فى توتروإلهام تقف خلفه مقتربة منه بشدة وقف جامدا ينظر إليهما ولكنها كانت فرصة سانحة وجدها عمرو للهروب بدون عواقب كما كان يفكر قبل دخول صلاح عليهما تنحنح وهو يتحرك فى اتجاه صلاح ووقف بجواره قائلا
طب استأذن انا علشان عندى شغل كتير
بمجرد أن خرج عمرو حتى قامت عاصفة إلهام الرعدية وظلت ترعد وتؤنب صلاح على دخوله بغير أذن وبغير ميعاد وضع صلاح الملف الذى كان يحتاج إلى توقيعها أمامها على المكتب وانصرف على الفور وتركها وسط حممها المتصاعدة وعاد لعمله .
فوجئ بوجود عمرو فى مكتبه ينتظره ألقى عليه نظرة عتاب كبيرة وهو يجلس خلف مكتبه ويتابع عمله بصمت وقف عمرو مدافعاعن نفسه وقال
متبصليش كده .. أنا والله ما عملت حاجة
رفع صلاح عينيه إليه قائلا
معملتش اه .. لكن سكت .. و اللى يسكت على الغلط يبقى مشارك فيه ومينفعش بعد كده انه يلوم اللى هيطمع فيه بعد كده نتيجة سكوته وزى ما بيقولوا السكوت علامة الرضا
قال عمرو بانفعال وهو يجلس 
أنا مكنتش ساكت.. أنا كنت بدور على طريقة مناسبة أهرب بيها من الموقف
الحكاية مش محتاجه تفكير يا عمرو.. أنت پتخاف على شغلك ومستقبلك أكتر ما پتخاف على أى حاجة تانية ... وأنا حذرتك كتير ونبهتك كتير بس أنت شكلك مش هتتعلم ببلاش ..اللى بيسيب الباب موارب يابنى مايزعلش لما يدخله منه شړ بعد كده
خرج عمرو من مكتب صلاح يضيق بنفسه ذرعا ولا يعلم لماذا يتهاون إلى هذا الحد هل كما قال صلاح فعلا هو ېخاف على مستقبله وعمله أكثر من خوفه من أى شىء آخر نفض الفكرة عن رأسه مستنكرا لها ولكنه لم يستطع أن ينفض تلك المشاعر التى عاشها والتى أستقيظت بداخله منذ لحظات فى مكتب إلهام فمازال يشتم عطرها النفاذ ومازال يشعر بلمستها لم يستطع أن يغالب هذا الشعور الذى يجتاحه فخرج فورا من الشركة عائدا لمنزله تصارعه مشاعر شتى وبدلا من أن يدخل منزله وجد نفسه يتوجه إلى بيت خطيبته قاصدا أياها سيلهى بعض من
56  57  58 

انت في الصفحة 57 من 66 صفحات