الإثنين 25 نوفمبر 2024

رواية داليا ج1

انت في الصفحة 14 من 28 صفحات

موقع أيام نيوز

أنك رفضتي زعقتي في وشه وبهدلتيه
ابتسمت سالي بمرارة وقالت 
.. وكان هيفيد بايه أنا زي ماهيا قالت ماليش قيمة
عقدت آشري حاجبيها وقالت غاضبة 
.. رأي جاسر وأمه يخصهم المهم رأيك أنت في نفسك 
صمتت سالي وتقافزت الدموع مرة أخرى بعيناها وقالت بعصبية
.. آشري أنت عاوزه مني إيه أنت جاية تتطمني على أن جوزك مالوش يد ولا تطمني عليا 
وقفت آشري وهي تستعد للإنصراف قائلة وخيبة الأمل تکسو ملامح صوتها 
.. أنا كنت جاية ومتخيلة أني هشوف واحدة تانيه واحدة رفضت الإهانة ومش كده وبس دي صممت كمان على ريفنج يرد لها کرامتها واعتبارها قيمتها الحقيقية
مضت نصف ساعة وهو يجيب على أسئلتها بإقتضاب حتى قالت بنفاذ صبر 
.. أنت غلطان لو كنت فاكر أني مقبل معاملتك دي 
الټفت لها مولیا مشهد الأفق خلف ظهره قائلا بإستخفاف
.. ومالها معاملتي 
رفعت كتفاها بغرور وقالت 
.. أنا مجربتش وراك ولا ضربتك على إيدك
يوم مالوش ملامح يوم ماطلعتلوش شمس جملة عابرة تمر بآذان المصريين عموما عندما يكون يوما مأساوي الأحداث وعادة تترافق تلك الكلمات عندما تصل الأحداث لذروتها من البؤس حتى يظن البعض أنها مؤامرة كونية بدفع من نظرة حاقدة قوية من عين حاسد بلاشك ولكن اليوم لم يكن بذاك المعنى الحرفي بعد إذ أنه في بدايته فالساعة الآن الثامنة والنصف والشمس مشرقة واعدة بصفاء قسري على سماء نوفمبر الرمادية ونسمات الهواء تذر على وجهها حرارة ضعيفة ضعيفة جدا إذ أنها لم تصل لدرجة الحرارة التي تهديها دموعها لوجنتيها وأناملها تكاسلت عن مهمة مسح تلك الدموع إذ أنه لا فائدة فصاحبتها تبكي منذ ساعات متواصلة تبكي بصمت وعندما تلمح إقتراب لأي ظل أو خیال بشړ ترفع رأسها شامخة وبمهارة تخفي آثار تلك الدموع حتى أنها استحقت بجدارة ذاك اللقب الذي أطلقته عليها حماتها المصون شجرة جميز لا تشعر ولا تحس ولكنها كانت تشعر وتحس وتتألم وتصرخ وتلوی فقط بعيدا عن أعينهم فهي لن تدع أحدا يراها وهي تلملم شظايا نفسها التي كسرها زوجها متعمدا حتى أنه سيقيم حفل زفافه الليلة تحت ناظريها بل وسمعته منذ قليل يجتمع بأبناءه ليخبرهم قراره في غرفة مكتبه ويعدهم أنهم سيحبون طنط داليا بل وطلب منهم معاملتها معاملة جيدة فهي بمقام والدتهم ولو ظن أنه طعنها في ظهرها عندما قرر الزواج من أخرى فتلك الكلمات بالتحديد أصابت قلبها في مقټل فشطرته نصفين وانصرف الأبناء شاردون

يتعلقون بوجه أمهم الخالي من الإنفعالات فقد أصبحت بارعة بحق بإستخدام مزايا تلك الشجرة حتى أنها أهدته ابتسامة باردة مستحقرة لكلماته ووصاياه فقالت بصوت لا معالم له
.. ماتخفش على الولاد بكرة تقول سالي عرفت تربي
فتمتم قبل أن ينصرف بظل هارب عارف وخرج لحديقة القصر يتابع سير العمل والأفكار تطرق رأسه بلا هوادة وقدماه تحثه للعودة للداخل مرة أخرى للحديث معها التبرير ما بدا لعقله سخيفا جدا في تلك اللحظة إذ إنها سويعات لا أكثر ووقفت هي تتابع خطواته المتنقلة من هنا لهناك تسترجع بخاطرها ذكرى زيجة أقيمت في تلك البقعة بالتحديد منذ سبع سنوات لم تكن حرفيا بليلة العمر إذ أنها اكتشفت أن زوجها رجل أحلامها ببساطة . . كاذب ولكنها تغاضت عن تلك الحقيقة ومضت بحياتها معه تمر مرور الكرام فوق كل إهدار لكرامتها وحقوقها وتسعد أيما سعادة بهفوة تقدير منه أليس لا كرامة في الحب وليس بين المحبين حساب لا ليس بالضرورة تلك أقوال النساء الخانعات وإلى متى تظل هي متشبثة بركبهن الحلم يتحقق
.. أخيرااا 
همسة عبرت شفتيها وهي تفرك رأسها لدى استيقاظها ليلة العمر بانتظارها رجل أحلامها فارسها المغوار حصلت عليه أخيرا ليعود إلى أحضانها مرة أخرى ستسقيه الشهد ألونا ستسكب في عروقه غراما لن يستطيع الفرار أو الفكاك بل وأنه قد يستغني عن خدمات الأخرى ولكنها سترسل له ليبقيها فمن يرعى الأطفال الصغار المعت عيناها بظفر وهي تقفز من فراشها الوثير اغتسلت وألقت بجوفها ذاك الشراب السحري وقامت ببعض التمارين السريعة جدا ومتى يصل اليوم لنهايته خاطرة ملحة مرت تطرق رأسها مرة بعد الأخرى واليوم مر وشمس الغروب تلقي بظلال خاڤتة على سماء نوفمبر الرمادية والتي تنذر بهطول أمطار خفيفة متوتر حائر بل وأطرافه ترتعش ببرودة عصبي المزاج نزق الأنفاس يبحث عنها بضراوة إذ تأكد من الحارس أنها لم تغادر القصر ولولا كبرياء نفسه الغبية لرج أركان القصر بصوته مناديا باسمها يرجوها فقط الظهور أمام ناظريه لف عقدة عنقه للمرة السادسة على التوالي ولكن ككل مرة ظهرت بشكل فوضوي أين هي أصابعها كانت دوما بارعة ياله من عديم الأحساس بحق أيتمنی ظهورها لتمم أناقة مظهره كي يخرج لإحضار عروسه من منزلها ! ! هز رأسه محتقرا لنفسه نادما مقرا ومعترفا أنه فقط يرجو رؤياها والتحدث معها بكلمات غابت عن سطور معجم العربية واللغات أجمع فهو لا يكاد يستجمع حرفا خرج من غرفته وعيناه تدور في كل الأركان حتى أبصر أمه تنظر له بقسۏة فقال بصوت أبح قلق
.. مالك تعبانه 
فقالت بصرامة 
.. متدورش عليها خلاص كل شيء وليه آخر 
اقترب منها بسرعة البرق وقال بأنفاس متقطعة
.. قصدك إيه سابت القصر ومشيت 
ضحكت أمه بسخرية على حاله 
.. لحد دلوقتي لاء بس اطمن أنت في طريقك توصلها لبراه
عقد حاجبيه غاضبا من إستهزاء أمه به وقال پعنف 
.. ياريت بس متزرعيش أفكارك دي في دماغها سالي بتحبني وإستحاله تسيبني زي ما أنت عاوزه 
مالت أمه بعكازها واقتربت من أذنه قائلة
.. زيك زي أي راجل یا جاسر 
وعادت للخلف مرة أخرى لتواجهه بقوة قائلة وقد لمعت عيناها
.. غبي 
احمر وجهه بشدة وقرر الإنصراف مهدئا نفسه كي لايصرخ بوجه أمه فيكون عاقا بحق ولكن خطواتها على عكازها العاجي كانت الأسبق نحو الأسفل لترحب بالضيوف قائلة بكلمات وصلت لسامعيه من وراء ظهرها ببرود تام 
.. روح هات عروستك الناس وصلوا
عاد فجأة دون إنذار إذ أنه اختفى منذ يومان راقبته وهو يدلف لحجرتهما بكلمات قليلة شملت فقط إلقاء السلام عليها فزفرت بعضب وتركت حاسوبها النقال ومضت لتعقد تلك المواجهة ولتنهي الأمر كما بدأته
.. زياد إحنا لازم نتكلم 
خرج من حجرة الملابس وهو متأنق بقميص حريري ناصع البياض وسروال کلاسکی أسود حاملا سترته على ذراعه فقعدت حاجبيها قائلة بتعجب
.. أنت رايح فين 
قال بصوت مرح 
.. أنت نسيت ولا إيه أنا توقعت أرجع ألاقیكی جهزت
اقتربت منه وقالت بنفاذ صبر
.. نروح فين 
رفع حاجبيه وقال بهدوء
.. إيه یا آشري النهاردة الجمعة فرح جاسر
قالت حانقة 
.. أنت بجد هتروح سيريسلي 
هز رأسه وقال هازئا منها
.. آه سیوریسلی 
جلست على طرف الفراش وهي تراقبه يرش عطره المفضل بوفره ثم قالت 
.. وسالي مفكرتوش أد إيه ده ېجرحها 
فقال ببرود 
.. اللي بيتجرح بيصوت بيعيط بیعترض لكن أديكي شايفه
لمعت عيناها وقالت 
.. مش شرط على فكرة يمكن يكون كاتم جواه زي ما أنا كاتمة جوايا
الټفت لها وقال بهدوء 
.. مش لوحدك یا آشري احنا الاتنين كاتمين جوانا وهيجي وقت وهنتكلم ونطلع فيه كل حاجه بس دلوقت قومي ألبسي
فقامت وقالت پعنف 
.. ليه هه عشان نبارك لجاسر ولا عشان تظهر قدام أخوك ياريح مايهزك جبل 
ضحك زیاد ساخرا 
.. اسمها يا جبل ما يهزك ريح
فقالت بحدة
.. ایتس نوت ذا بوينت 
عقد زیاد حاجبيه وقال وهو يضع كفيه على كتفيها مهدئا 
.. أنا لازم أروح مينفعش ما أروحش کملي جميلك يا آشري واقفي جمبي
مضت تنظر له عاقدة الحاجبين وهي تزفر أنفاسها

الحارة ثم قالت بصوت لاجدال فيه 
.. وبعديها إحنا لازم نتكلم
بوجه جامد المعالم فقير التعبير جلس إلى جوارها يراقب الطريق بأعين سوداوية فقالت متأففة
.. محسسني أنك رايح لأجلك
فابتسم هازا ملتفت لها 
.. كالعادة بتبالغي في إحساسك بقيمتك
فقالت بعند 
.. أنا فعلا قيمتي عالية ولا أنت مش حاسس بكدة 
رفع كفها وقبله ثم قال
.. أكید یا داليا وإلا مكناش اتجوزنا
فقالت بدلال 
.. لسه متجوزناش وخد بالك لأحسن أضيع منك
فقال ضاحكا 
.. وتضيعي إزاي وأنت جمبي في العربة وبينا وبين القصر أمتار
قالت بغموض 
.. متكونش واثق أوي كده الحياة زي مابتدي فجأة بتاخد فجأة 
نظر لها نظرة تقيمية جديدة في عرف جاسر سليم ثم قال
.. دا أنت طلعت فلیسوفة وأنا مش واخد بالي 
أمسكت بكفه بقوة وقالت بأنفاس واثقة وهي تحدق بعيناه 
.. جاسر أنا جوايا حاجات أكتر بكتير من اللي في بالك وواثقة أي هشوف منك أكتر من اللي في بالي بس أنا مستعدة لده وشغوفة بيه اللي بيزعلني أن أحس أنك مش مهتم وكأنك محيت فعلا كل المشاعر الحلوة اللي كانت بينا 
وتعاظمت المسئولية فوق کاهله مسئولية إمرأة تراه بعين العشق تظلل وجدانه بذكريات مشاعر كانت بالفعل رائعة ولكنه نسيها أو تناسها ولا فارق إذ أنها ما عادت تشکل شیئا بكيانه فما تلاها كان بالفعل أقوى رد بصوت جاف
.. وصلنا على فكرة 
ترجل من السيارة الفارهة ولف حولها ليفتح الباب لعروسه التي سارت متبطأة ذراعه رفع رأسه ليواجه ضيوف الحفل ولكن أنظاره لم تكن متعلقة بسواها تقف بشموخ تطالعهم بنظرات خاوية كفيها متدليان على كتفي صغارهما لا يعلم أتستمد منهم قوتها أم أنها تلقي بظلال حمايتها عليهما جسدها عاد ليزدان ببوادر رشاقة ملفوفا بثوب کریمي مطعم بأحجار على شكل ورود قرمزية اللون ومن يتهم الرجال بضعف الذاكرة وعدم ملاحظة التغيرات التي تصيب نسائهم وأنهم لا يستطيعون تمييز ما ترتديه زوجاتهم فهو المخطىء إذ أنه تذكر ذاك الرداء فهو من ابتاعه لها لحفل خطبتهم عقد حاجبيه وداخله يشتعل پغضب ولوم وغيرة لا تفسير لها تقدم بعروسه نحو الدرجات الرخامية حتى توقفت خطواته عندما توقفت خطوات رفيقته التي خلعت زهرة بيضاء من خصلات شعرها وثبتتها برأس الصغيرة سلمی بأنامل مرتعشة فتقبلت سالي حركتها المستفزة بهدوء تام وهي تثبت الزهرة خلف أذن صغيرتها وأمرت صغارها بمصافحة العروس ثم قالت ببرود وهي تراقب خجلات زوجها المرتعشة على غير عادته
.. مبروك ياعروسة
هزت داليا رأسها ونظرت لغريمتها أو بالأحرى ضرتها المستقبلية وهي تقر بإعتراف داخلها أنها لم تقدرها حقا قدرها وردت بهمس رقيق
.. ميرسي الموقف المتوتر والذي كان ينذر بإشتعال كما كان يتمنى البعض مر بسلام إذ أنها كانت دقائق معدودة وجلس المقربون جدا من العائلتين بصالون القصر الواسع وهم يستمعون لديباجة الشيخ وهو يتمم عقد القرآن كانت تدور بعيناها وتتنقل بين وجوه الجميع وجه حماتها متصلب ينذر بلعڼة ستطیل تلك ال داليا ولا محالة آشري والدموع المترقرقة بعيناها وهي تنظر پغضب لزياد الذي كان يجاورها متغافلا بقصد ربما عنها وهو شارد بأنظاره نحو أخيه الأكبر أسامة الذي حضر أخيرا وهو متشح بالسواد ببذلة ليست برسمية وكانت نظراته بنفس القتامة وكأنه جاء ليحضر عزاءا وليس زفافا ورجلان آخرين والسعادة تشع على محياهما كقريبتهما التي كانت تردد كلمات لا تقدر بثمن وراء الشيخ وأخيرا زوجها المتصلب الهارب بنظراته حتى من عروسه الجميلة فكره وعقله منصرف بالكامل عن الجميع أنظاره متركزة على الشيخ يخط بقلم حاد الإنحرفات قائم الزوايا بحروف اسمه فوق عقد الزواج وانتهى المشهد وزفرت الأنفاس بعضها إرتياحا والآخر كان خيبة إلا أنفاسها
13  14  15 

انت في الصفحة 14 من 28 صفحات