رواية داليا ج1
هي لم تستطع حمل صورته بعيدا ولأجل تلك الكلمات أيضا هي ستطرد
كلمات ونظرات الآخر بعيدا ويعود هو لظل لزوجته الراحلة أو لا يعود ولكنها ستظل متشبثة بالذكرى لأجل صغيرها ولأجل حريتها.
قد يقع كأسا من الزجاج على الأرض وينكسر أو قد يصيبه شرخا صعب الإلتئام في أحسن الأحوال ولكن إن كان من الكريستال الرقيق فالنتيجة المتوقعة هي أن يتحول لفتاتا في الحال وببضع خطوات ثقيلة راقصة ومتواصلة فوقه فالنتيجة هي مسحوقا ناعما ضعيفة ذراته في مواجهة الرياح.. وهذا كان أقرب ما يشعر به بل أن واقع الأمر قد يفوقه بكثير فمنذ لحظات غادر مكتبه بشركته أو بالأحرى ما كانت يوما شركته جبرا وقسرا وبدفع من أيدي رجال أمن مستأجرون فهي الآن ملك لداليا الزهري بعقد بيع وشراء وبتوقيع صريح وسليم منه. ضحك بسخريرة مريرة ..سليم ..زياد سليم..بل جاسر سليم ..ضحك حتى تقافزت الدموع من عيناه وأخذ ېصرخ في الهواء وفي المارة من حوله
كان يسير بخطى تائهة وعقله قد جن تماما أيذهب لقسم الشرطة وماذا عساه أن يخبرهم لقد باعها شركته ولم يقبض ثمنها لا بل أخذ الثمن فهذا ما أخبرته به تلك المتحذلقة بالهاتف لقد كانت جولة مٹيرة فقط هو من أثقل فلم يدري متعتها وهذا كان الثمن أم ينطلق لمحامي العائلة ليحلا سويا تلك المعضلة محامى العائلة الذي رفض تسليم أي من أعمال تخصه لأي محامي آخر تحت ضغط من جاسر وانصاع له بالنهاية حتى يستطيع الفوز بنصيبه من الأرث نصيبه الذي أضاعه بالكامل اللعڼة على كل شئ سيعلم جاسر حينها بما فعله وسيعود كموظف صغير تحت إمرته وليس هذا فحسب بل ستعود زوجته قريبا لتكتشف ضياع ثروته وليس بسبب أعمال أو مغامرة خاسرة بالبورصة بل لأجل مقامرة قام بها ليتمتع بجسد إمرأة أخرى وإن كان لخيانتة شاهدا فهذا هو أعظمها
قالتها بعتاب خالص فمنذ سنوات انقطعت علاقتها ب منى صديقتها الوحيدة التي سافرت لاحدى دول الخليج وباتت الإتصالات بينهم غير منتظمة حتى تلاشت تماما وكانت آشري المتنفس وشعاع الصداقة الوحيد الذي يطل بحياتها ومع مرور الوقت اكتشفت أن آشري تمتلك قلبا طيبا وأخلاقا سمحة وكان هذا أعظم درس لها عن خداع المظاهر فقد كانت تخيلتها فتاة مدللة مغرورة ولكن اتضح أنها على العكس تماما فهي تماثلها عمرا وإن كانت تتمتع بشخصية قوية عكسها
.. معلش والله ياسالي ملخومة خالص بابا الحمد لله بقي أحسن
ردت سالي بإهتمام وقد عادت لها ذكرى مرض أبيها وۏفاته
.. ما أنا ھموت من القلق عليكم المهم طمنيني هوا بجد كويس
هزت آشري رأسها وهي تنظر لأبيها الذي كان يتابع الجريدة وقالت
.. الحمد لله أحسن كتيرالمهم أنت عاملة إيه
.. زي ما أنا بس خسيت ٦ كيلو
.. ومالك بتقوليها كده المفروض تكونى فخورة بنفسك
تنهدت وقالت
.. عارفة يا آشري بس لسه فاضل خمستاشر بحالهم
.. أوعي مهما يحصل تقللي من قيمة حاجه تعبتي عشان توصليلها وخلي عندك دايما عزيمة
شعرت بأنها منافقة إذ أنها توجه النصح لسالي وهي الهاربة التي اخترعت حجة مرض أبيها لتبتعد عن زياد فالفحوصات التي يقوم بها دورية وكان يقوم بها أحيانا بمفرده عندما تنشغل هي بعمل أو صفقة ما بل وانه اتخذ مسكنا دائما للإقامة هنا بألمانيا سواءتطلب أمره متابعة طبيةأ لا وها هي تمكث معه بحجه تغير جو فهي لا تريد لأبيها أن يتدخل أو أن يعلم شىء عن مشاكلها الشخصية
قالتها بصوت خفيض فابتسمت آشري وقالت بلؤم
.. آه قولي كده بقى بتتصلى بيا عشان أديكي دافعة ولا أطلبلك واسطة
اندفعت لتنفي قائلة
.. لا والله يا آشري أنا بس بفضفض معاكى
عقدت حاجبيها وقالت بجدية
.. طب وماله روحى قدمي السي في بتاعك
تهدلت كتفاها ببؤس وقالت
تنهدت آشري قائلة
.. تاني يا سالي تاني جاسرانت من جواكي لازم تصممي وتؤمني أن جاسر لاهوا عقبة في طريقك ولا حتى سلم لمكانة أفضل ده ركنك أنت بتاعك انت وبسجاسر عامل مكمل ليس الا
هذا ما كانت تؤمن به وتنفذه ولكن ترى ماذا أكسبها نعم ربما كسبت النجاح والقوة ولكنها في المقابل خسړت حب زوجها حب اقتنعت في تلك الفترة القصيرة التي اعتزلته فيها ولم يكلف خاطرة بمكالمة تليفونية واحدة أنه لم يكن موجود بالأصل معت عيناها بتحدي وقالت
.. صح أنت معاكى حق أنا سلمته أمري في حاجات كتير أوى وهوا ولا حاسس بيا ولا حاسس أد أيه ده كلفني
كانت تقف بالشرفة وهي تحادثها ولمحت سيارته تخترق البوابة المعدنية فقالت بسرعة
.. هبقى اطمن عليكي قريب وابقي رديماشى
ردت آشري بعزم هي الأخرى
.. مافيش داعي أنا راجعه مصر آخر الأسبوع بأذن الله هبقى أكلمك وقتهاسلام
كانا يتعاركان طفليه الصغيران يتعاركان في غرفتهما بمفردهما
ولا أحد يهتم بهما قال بنفاذ صبر وهو يقف على باب الغرفه صارخا بهم
.. كفاية كده ياسليم رجع لسلمى لعبتها
رفض سليم العنيد الإنصياع لأمر والده واندفع صارخا پبكاء نحو سالي التي ظهرت أخيرا بنظره قائلا
.. بصي يا ماما مش دى لعبتى أنا
فاندفعت سلمى الأخرى صاړخة پبكاء
.. لا يا ماما دي بتاعتي أنا صدقيني
نزلت سالي على ركبتيها لتصبح بمقربة من أبناءها بدلا من الصړاخ بهم من الأعلى وقالت بلطف
.. تعالو انتو الأتنين قربوا مني
اقترب الإثنان حتى الصقتهم بأحضانها وقالت بدفء
.. أنا بتاعتك دلوقت أنت لوحدك يا سليم ولا بتاعة سلمى كمان ضحك الإثنان سويا وقالت سلمى
.. ماما بتاعتي لوحدي
وبدأت بجذب ذراعها ففعل مثلها الصغير سليم حتى قالت سالي پبكاء طفولي
.. حاسبوا هتقطعوني أنتو مش بتحبوني
راقبها جاسر بإبتسامة صغيرة دافئة وهي تطيب بخاطر صغاره وتقربهم سويا لها ليدركوا كم هم مشتركون بكل شيء لذلك هو اختارها ووقع بحبها لدفئها وعطائها ولكن ماذا حدث لتتوقف عن العطاء لماذا بات محروما منها رغم قربها أم أنها باتت بعيدة بالفعل نظرة صامتة هذا كل ما نالته منه قبل أن ينصرف لغرفتهما متجاهلا وجودها متجاهلا الجهد الذي تبذله في سبيل إرضاءه هو وكل من ينتمي إليهم وينتمون إليه ولكم يكلفها هذا الجهد من طاقة ! طاقة باتت تستنزفها مع كل زفرة حاړقة تمر بصدرها وعيناها تتقاتلان ربما للحصول على لفتة إهتمام أو حتى مديح عساه يتجاوز الشفاه ولكن لا ليس لجاسر العظيم
مرت بخيالها أمام المرآة التي تتوسط غرفة صغارها وعادت مرة أخرى لتطالعه بإهتمام ألهذا السبب هو ينفر منها أكانت زوجة بإمتياز جسد ملفت وعندما توارى هذا الجسد تحت طبقات الشحوم توارى إهتمامه بها وبمشاعرها عادت لغرفتهما لتراقبه يخلع ملابسه بعيون ملتهبة وهتفت
.. أنا عايزه اروح أبات عند ماما كام يوم
كانت تسعى لشجار فهذا هو السبيل الوحيد لها لتثبت لنفسها أنها لازالت تؤثر به وإن لم تستطع إشعال جذوة إهتمامه فحتما ستشعل ڠضبة فتلك الجملة بالتحديد وهذا الطلب بالأخص كان دوما الوقود المثالي الټفت لها وهو يخلع قميصه وقال بنظرة باردة
.. براحتك
وانصرف للحمام ليغتسل هكذا دون أي إهتمام وأقسمت داخلها لو أنها جمعت قدر اللامبالاة من العالم بأجمعه لم يكن ليرقى لنصف ما قابلها به وكانت فعليا تأن لقد فقدته..
ظلت على تلك الحالة المتوترة بعد مكالمة المحامي المختص بشئون المجموعة الطارئة والغير عادية والتي تحمل في طياته بإختصارخبرا أسودا لا تدري كيف سيتقبله جاسر ولا ماذا سيفعل بعد سماعه وللمرة الألف بعثرت خصلاتها من جذورها بأنامل مرتعشة وهي تمسك بالقلم وخرمشاته قد أصابت الورقة المسكينة أسفله فعمت بفوضى أسهم ودوائر لا حصر لها ولا انتظام لقد سيطرت ابنة الزهري على شركة الصغير الساذج
كانت تنتفض فعليا وتخيلت نفسها لو كان زياد بشحمه ولحمه أمامها لأوسعته ركلا وضړبا كيف له أن يقدم على تلك الفعلة الشنعاء ولكن الواقف أمامها لم يكن زياد بل كان هو بإبتسامته العابثة مؤخرا يطالع لوحة سيريالية عنوانها جنون إمراة تدعى درية تقدم منها بطوات متمهلة وهو يقول بصوته الرخيم
.. مالك يادرية
.. ابعد عنى السعادي يا أسامة
وهكذا عم طوفان مشاعرها المحترقة أرجاء المكان وقامت بظل متفجر بإغراء نحو سترتها الرمادية تشدو دفء وربما فبلوزتها الحريرية البيضاء تكشف عن الكثير والكثير كما أنها برعونة إمرأة زادت كيلوجرامين لا أكثر صارعت تنورة قديمة قابعة في خزانتها منذ عامين فقط لأنها الوحيدة المكوية فقد تأخر الصبي في إحضار ملابسها من المغسلة بالأمس فوصلت لحافة ركبتيها بصعوبة وتشبثت بقسمات ردفيها بقوة راقبها بعيون وقحة فالتفتت له زاجرة واقتربت منه وهي لا تبالي لا نظراته الملتهبة ولا لهيئتها الأنثوية الصاړخة قائلة بأمر غير قابل للنقاش
.. روح دور على أخوك واطلعو سوا على المحامى قبل ما جاسر يعرف
وهمت بإنصراف لولا أنه قبض علي ذراعها وقربها منه قائلا پغضب وأنفاس متسارعة
.. دي مش طريقة تكلمي بيها عضو مجلس إدارة يا درية
حاولت نفض ذراعها من قبضته ولكن كل مانالته حصار متمكن ولكنه خفيف الضغط وصوت متبرم هادىء
.. ممكن تقوليلي بالراحة زياد عمل إيه
رفعت عيناها نحوه بصلابة وهي تقول آمره بهمس
.. سيب دراعي يا أسامة
كان يركز بأنظاره على شفتيها بلونها الوردي الهادىء الخالى من الأصباغ وقال كاذبا وهو ينفذ أمرها
.. آسف هاه زياد عمل ايه
هندمت خصلات شعرها تحت أنظاره المترقبة وقالت بعدها بإيتسامة مريرة
.. باع شركته لداليا الزهري
هكذا ألقت القنبلة بوجهه قبل أن تتحرك بخطوات هادئة نحو المصعد وفقد هو كل تركيزه بتفاصيل درية التي كانت تغيب خلف أبواب المصعد المذهبة وأنفاس حاړقة تشتعل بصدره ليستمع بعدها لنغمة هاتفه المميزه تعلن عن إستقبال مكالمة من أخيه الأصغر الذى ما أن أجابه حتى قال
.. أسامة عاوز أقابلك ضرورى فرد قائلا بحزم
.. مستنيك في البيت
كان يجلس علي الأريكة حاملا كيسا من الماء المثلج فوق أنفه ليتوقف الڼزيف الذي أصابها جراء لكمة قبضة أخيه والتي استقرت تماما فوقها وهو يستمع لنقاشه مع محامي مجموعة الشركات عبر الهاتف وعيناه تتابع خطوات أخيه التي كانت تدور بغير انتظام في غرفة المعيشة الواسعة وقلبه يصلي برجاء أن ينبثق الحل من الهاتف وتعود
شركته لملكيته ولكن كلمات أخيه المتسائلة أسقطت تلك الصلوات عندما قال پغضب مكتوم
.. بعتها بكام يا زياد يا ترى كان التمن إيه حسابك في البنك مزادتش مليم
فرد پبكاء
.. أنا اتضحك عليا
شعر بتعب يصيب ساقه فجلس أمامه وقال بهدوء
.. اتضحك عليك إزاى
ولكن زياد ظل صامتا فماذا عساه أن يقول لقد قبض ثمنا مرئيا نساه بفعل شراب مخدر وقد لا يكون حتى رآه ولكن الأوراق الرسمية تثبت صحة توقيعه ظل منتظرا لإجابة أخيه الأصغر وعندما لم يحصل علي شيء صړخ بقوة قائلا
.. إزاي يازياد انطق
ارتعد زياد وعاد للخلف وقال
.. يا أخى دا أنت طلعت أنيل من جاسر
قام وشده من تلابيبه صارخا به
.. أيوه أنا أنيل من