روايه حزينه الفصول من السادس عشر ل العشرون بقلم الكاتبة الجليله
دون مساعدتها ..
أسرع بوضعها على أقرب أريكة وجثى قبالتها ثم مد يده ليبعد تلك الخصلة التي تحجب وجهها وحاول إفاقتها بهدوء ..
ركض رجلا ما وقورا ذو هيبة واضحة في إتجاهه وهو يهتف پذعر
لانا .. لانا !
اعتدل مالك في وقفته وتراجع مبتعدا حينما رأى ذلك الرجل يقترب منه وأفسح له المجال للتصرف معها .. وأوضح له باللغة العربية وقد تناسى أن غالبية المتواجدين بالشركة أتراك
أمسك الرجل بكف الشابة براحتيها وفركه بقوة وهو يهتف بإسمها
لانا أجيبني !
رفع الرجل رأسه لينظر إلى مالك وهتف فيه بجدية ولكن بالعربية
ابنتي أصيبت بنوبة السكري مجددا احضر دوائها من مكتبي
نظر له مالك بذهول وقد صدم من تحدثه إليه بالعربية .. فازدرد ريقه وهو يسأله بنبرة مشدوهة
أشار له الرجل بيده قائلا بتلهف
هناك !
هز مالك رأسه متفهما ثم ركض مسرعا نحو مكتبه ليساعده ..
.....................................
حركت إيثار رأسها للجانب وهي تئن بصوت خفيض ..
شعرت بيد ناعمة تتلمس جبينها وبصوت أنثوي يهمس لها
هاتبقي كويسة يا حبيبتي
حدقت أمل فيها بإشفاق واضح فقد أيقنت أن تلك الصغيرة ساذجة وبريئة للغاية أوقعها حظها العثر في رجل كزوجها محسن ....
...........................................
ناول سلمان ابنته لانا كوب الماء لترتشفه بعد أن أفاقت من إغماءتها القصيرة ..
استدار سلمان نحوه ومد يده ليصافحه شاكرا إياه بجدية
أنا عاجز عن الشكر لقد ساعدت ابنتي
نظر له مالك بحرج ورد عليه بإيجاز
أنا معملتش حاجة
سأله سلمان بجدية وهو يتفرس ملامح وجهه
انت عربي
أومأ مالك برأسه إيجابا
بدى وجه سلمان خاليا من أي تعابير وهو يضيف قائلا
اعذرني على فضولي ولكن ماذا تفعل هنا !
أجابه مالك بتلعثم
أنا .. شغال في الشركة دي
ظهرت علامات الإندهاش واضحة على وجهه وهو يهتف غير مصدقا
أنت موظف لدي ! أوه يا لحسن القدر !!!
حدق فيه مالك مذهولا وهو يرد بنبرة مصډومة
..........................................
لاحقا تعجب نادر مما حدث مع رفيقه مالك خلال نهاره الأول بالشركة وضړب كفا على الأخر قائلا بإبتسامة متحمسة
أنا مش مصدق إنت مع بنت سلمان بيه ومن أول يوم ليك ! بركاتك يا سيدنا
هز مالك كتفيه في عدم مبالاة ورد بفتور
أنا مكونتش أعرف انها بنته افتكرتها موظفة في الشركة وتعبت فساعدتها عادي يعني مش قضية !
أوضح له نادر قائلا بجدية
هي شغالة فعلا في الشركة بس مش معاه كأنها زي أي حد فينا
ضاقت نظرات مالك وهتف بإيجاز
غريبة
برر له نادر بهدوء
ولا غريبة ولا حاجة الناس هنا بتعتمد على نفسها في تحقيق أحلامها مش زي عندنا
أها
ثم صاح بنبرة مفعمة بالحيوية
تعالى هأعزمك على أكلة حلوة هاتعجبك في مطعم شيك
هز مالك رأسه وهو يقول بحرج قليل
شكرا يا نادر مافيش داعي
لكزه نادر في كتفه وهو يقول بمرح
يا عم شيل التكليف بينا تعالى بس ! وقولي رأيك !
ماشي
وبالفعل ولج الاثنين إلى داخل أحد المطاعم القريبة من ساحل البحر ..
أبدى مالك نظرات إعجاب واضحة بتصميم المكان الراقي والذي كان يتناسق في ألوانه مع زرقة البحر الذي يعشقه ..
أشار له نادر بالجلوس على إحدى الطاولات القريبة من المياه وهتف بإنفعال وهو يحدق في شاشة هاتفه
شوف إنت هاتطلب ايه عقبال ما أرد على المكالمة دي
طيب
أمسك مالك بقائمة الطعام ودقق النظر في محتوياتها ..
تعذر عليه أن يفهم المكتوب فيها فضغط على شفتيه وزفر بخفوت .. ثم رفع رأسه للأعلى وتلفت حوله بنظرات حائرة ..
تأمل المكان بنظرات أكثر تفحصا ليلهي نفسه حتى يعود رفيقه فيترجم له المكتوب وينتقي ما يريد ..
لمح عدة آلات موسيقية متراصة على مسافة قريبة منه مشكلة فرقة صغيرة ولكن بدون أعضاءها ...
مرر نظراته على كل واحدة منها على حدا دون اهتمام جدي حتى وقعت عينيه مصادفة على تلك الآلة .. فخفق قلبه سريعا وتسارعت دقاته .. وتسمرت أنظاره عليها ..
إنها معشوقته .. مترجمة مشاعره ..آلة الكمان ..
تلك الآلة التي حطمها في لحظة هوجاء منه لينفث عن غضبه الكامن في صدره ..
التوى ثغره بإبتسامة راضية وهو يتذكر براعته في العزف على أوتارها ..
لم يستطع مقاومة رغبته في ټلمسها من جديد ..
فرك طرف ذقنه ونهض بحذر من على مقعده ثم تحرك صوبها وكأن بها هالة سحرية تجذبه إليها ..
وقف قبالتها مترددا وبشغف صادق واضح في عينيه مد أنامله ليتلمسها ..
لم يشعر بنفسه إلا وتلك الآلة موضوعة على كتفه فأغمض عينيه .. واهتز جسده برغبة ملحة في تجربتها ..
استسلم لمشاعره