رواية ميرا الفصول من الثامن للعاشر
شعرت بالامتنان لتلك السيدة الحنون التي شاركتها فرحتها وسعادتها واهدتها الكثير من النصائح بشأن سلامتها قبل ان توصلها وتغادر لمنزلها وها هي تجلس بأنتظاره تهيأ له الأجواء كي تخبره متغاضية عن كل ما حدث وهي تظن أنه باعتذاره منها بلأمس سيعود لسابق عهده.
وعندما اتى استقبلته بلهفة كعادتها وانتظرت ان يستفسر منها عن زيارتها للطبيب ولكنه لم يكلف ذاته حتى بمكالمة هاتفية او حتى سؤالها عند وصوله مما جعلها تشعر بالضيق من عدم اكتراثه وظلت تنظر له نظرات معاتبة وهو يجلس بجوارها على الاريكة بردهة منزلها ويسلط كافة تركيزه على هاتفه مما جعلها تتنهد بصوت مسموع لفت انتباهه وجعله يتساءل ببرود
رفعت نظراتها له واخبرته بعتاب وهي تزيح الهاتف من يده لتستحوذ على انتباهه
أنت ليه مكلمتنيش النهاردة في التليفون
مط فمه ورد بلامبالاه
عادي يعني مجاش في بالي
ابتلعت غصة مريرة بحلقها وأضافت بنبرة متخاذلة
بس انا قولتلك إني رايحة للدكتور الصبح
أغمض عينه بقوة وبرر بذلك السبب الواهي الذي لا يكف عن ذكره
تعلقت رماديتاها الضائعة به تود لو تجد الصدق بعينه ولكن لم تجد شيء يقنعها بحجته فمنذ كذبته السابقة وهي اصبحت تشكك بكل كلمة تصدر منه نفضت افكارها سريعا وارغمت ذاتها على التصديق حتى لا تفسد سعادتها ولكنه لم يكتفي بذلك الصراع اللعېن الذي يضعها به بل زادها عليها بقوله باستخفاف
ارتفع جانب فمها ببسمة متخاذلة وردت مستنكرة
لأ يا حسن اطمن مش حاجة خطېرة
هو فعلا كتبلي على فيتامينات بس مش علشان انا مهملة في اكلي علشان حاجة تانية
تأفف هو بسأم وهدر بنفاذ صبر
أففففف ماتتكلمي علطول من غير لف ولا دوران انا اتخنقت من الملل بتاعك ده
انا حامل يا حسن ...
أبتلع ريقه بحلق جاف ثم تسأل بنظرات مهتزة
أنت متأكدة!
أكدت ببسمة باهتة
ايوة يا حسن الدكتور أكدلي وحتى ماما ثريا كانت معايا
كويس
قالها وهو ينهض يوليها ظهره بنبرة مقتضبة وبملامح واجمة ؤدت سعادتها على الأخير وجعلتها تتساءل بترقب
مرر يده بخصلاته الفحمية وأخبرها بعتاب وهو يتناول علبة سجائره ويشعل واحدة وينفث دخانها بقوة
أنت ليه مخدتيش رأي الاول
أجابته بصدق
أنا مكنتش مخططة لده بس أنت عارف إني ساعات بنسى أخد الحبوب
حانت منه بسمة ساخرة وصړخ بسخط
علشان انت مستهترة يا هانم انا زهقت منك...على العموم اللي حصل ...حصل
انا مش مستهترة وبعدين دي ارادة ربنا وحرام نعترض عليها
تأفأف هو هدر بغيظ وهو يلوح بيده
أنا مش معترض و مش هقدر اغير مشيئته
قبضت على قميصه القطني من الخلف وقالت بنبرة راجية متأملة
أنا مبسوطة يا حسن بلاش تكسر فرحتي انا نفسي يبقى عندي ولاد كتير منك ونفسي كلهم يطلعوا شبهك نفسي يبقى ليا عزوة و انا وانت نربيهم سوا ويبقوا أحسن ناس في الدنيا
زفر أنفاسه دفعة واحدة ورد عليها بنبرة جامدة خالية من أي مشاعر وهو يطفئ سيجارته في المنفضة أعلى الطاولة
تمام يا رهف ......مبروك
لم يمنحها فرصة حتى للرد بل تفوه بتلك الكلمات الجافة وغادر من أمامها إلى غرفة النوم تاركها ټنهار على أقرب مقعد تنزع عنها قناع التماسك والصلابة التي تدعيها دائما وتشهق بحړقة چثت على صدرها و ټنفجر باكية بدمعات حاړقة مټألمة تنعي فرحتها التي وئدها هو ببراعة فنعم يوجد كثيرون مثلها يتوقعون الكثير ولا ينالون إلا الخذلان ومع ذلك يصمدون كي يحيوا بسلام في حين أن دواخلهم أرق من ورقة شجر ذابلة في خريف رجل لم يقدر قط ولكن ياترى الى متى!
داخل الحرم الجامعي وخاصة بالكافتيريا جلست هي وحيدة شاردة بعد انتهاء محاضراتها تسترجع حديثه الذي مازال يتردد برأسها بلا انقطاع فكم شعرت بالخزي من نفسها وم فعلتها تقسم انها تجاهد كي لا تستسلم للأمر لكن دون جدوى تجد ذاتها مسلوبة الارادة نحو تلك الحبوب التي تجعل طنين رأسها يهدأ وحقا حينها كانت بأشد الحاجة لها ولذلك لم تفكر في عقبات الأمر ورغم انه احرجها بمنطقه الغريب ذلك التي بالكاد تتفهمه إلا أنه جعلها تشعر نحوه شعور غريب لم تستطيع تفسيره قط.
انا هنا سواق جنابك وبس واللي عملته أي راجل عنده نخوة كان مكاني كان عمل زيه واكتر منه كمان
شعرت بالضيق عندما تكررت جملته مرة أخرى داخل رأسها مما جعلها تتساءل هل حقا حديثه صادق هل أي رجل غيره كان سيفعل ما