رواية يسرا الجزء الثاني
ليلثمه مرة أخرى في غضون أيام قليلة ويرسل المزيد من الشحنات التي أتت على ما تبقى من تماسكها الضعيف ورغما عنها أغلقت عيناها بقوة لتمنع سقوط مزر لدموع لا تستطيع التحكم بها وقامت فجأة قائلة بقوة
.. أنا هروح أسأل لسلمي عن معاد تمرینها...
أتراها تنساه يوما كيف وقلبها معلق بقطعتان تشبهانه راقبت انصرافهما بصحبته بقلب ينوح بعذاب صامت وأعين صغارهما معلقتان بظلها كرهته في تلك اللحظة أيما كراهية هو من يمزقهم بعناده ويدعي بعد كل ذلك الصبر ! فأني لها هي بالعودة والتراجع عن حياتها الجديدة!
سارت ببطء دقات قلبها عائدة لمنزل عائلتها مشيا على الأقدام صراعها الداخلي كان أكبر من سعة صدرها والدموع تنهمر من مقلتيها بلا حساب ولا رادع حتى مع نظرات المارة المتعجبة نهرت نفسها مرارا وتكرار ولكن لا فائدة لحسن حظها عندما وصلت للمنزل لم تجد أمها في انتظارها فلابد وأنها في زيارة لأختها الكبرى فاتجهت قدميها دون أن تشعر لملاذ والدها الراحل حاولت الاعتناء بزهوره وزروعه ولكنها لم تكن ناجحة بقدره ومع ذلك استطاعت الإبقاء على بعض المزروعات القوية والتي لا تتطلب جهدا في الرعاية.
هزت رأسها قائلة
.. خليها تلاتة ونص یا کریم أكون خلصت كل الحالات اللي عندي
هز رأسه ضاحكا
.. خلاص تلاتة ونص نروح نقابل صاحب الشركة وإن شاء الله التوريد خلال أسبوع بالكتير
ابتسمت له وهي تعود مرة ثانية للحالة التي تتابعها
.. إن شاء الله
خرج من غرفة العيادة منتشيا بسعادة لا يعرف سببها الفعلي يعلم بأنه يخطو بخطوات متسرعة على أرض متصدعة ولكن ليس هنالك على الفؤاد سلطان
وبغرفتهما كانت تدلك بتدليك صباحي سريع لكتفه رفضه بضيق أنفاس قائلا
.. أنا اتأخرت یاداليا
.. إن كان عليا مش عاوزاك تروح الشغل النهاردة فيه مشوار مهم لازم نعمله سوا
قضب حاجبيه متعجبا وقال
.. مشوار إيه
وضعت يدها على كتفيه من جديد وقالت بعيون راجية
.. جاسر من أول ما حملت وأنت مروحتش معايا ولا مرة للدكتور إيه منفسکش تشوف البيبي
ابتسم ساخرا وتمتم
.. وهشوف فيه إيه ده لسه يادوب
عبست پغضب وقالت بدموع تماسیح
.. أنا كان قلبي حاسس أنك مش هتحبه قد حبك ل
فقاطعها زاعقا
.. داليا من غير مزایدات كلهم ولادي وحبي ليهم مبيتجزأش مش عاوز اسمع الكلام السخيف ده تاني
اقتربت منه سريعا وريتت على وجنته وقالت لتدر عطفه وشفقته
فقاطعها مرة أخرى بنفاذ صبر
.. خلاص يا داليا الساعة كام معاد الدكتور
ابتسمت له إبتسامتها الساحرة وهي تطبع على وجنته قبلة خفيفة
.. يعني عدي عليا الساعة تلاتة كده
ابتعد عنها وهو يهز رأسه
.. تمام تلاتة بالدقيقة تكوني جاهزة ومستنياني تحت
كانت بطريقها نحو المصعد لتتجه للدور الرابع حيث مكتبها ولكن شيئا ما حث قدماها على التوقف ولا تدري أهو نداء قلبه أم قلبها الذي جعلها تستدير تلقائيا للخلف لتراه يقف على بعد أمتار قليلة بذلة غير رسمية وقد نبتت لحيته ومنحته مظهرا ناضجا فاقترب منها بنظرت عيناه الثاقبة وخطواته الواثقة قائلا
.. إزيك يا آشري!
استجمعت دقات قلبها الخافقة بسرعة وردت
.. الحمد لله إزيك أنت یازیاد
صمت لوهلة وقال
.. أنا الحمد لله أحسن
وساد الصمت بينهما لفترة أطول لكأنما فقد الإثنان النطق وكلاهما يخوض صراعا مابين تحذيرات العقل واشتیاق القلب حتى أمسك هو بزمام المبادرة وقال بصوت هادیء
.. أنا كنت جاي أعزمك على حفل افتتاح الكافية بتاعي
ارتفع حاجبيها دهشة وقالت
.. فتحت كافية !
ابتسم بود قائلا
.. في الواقع هيا سلسلة فرع في القاهرة واسکندرية وحاليا بنجهز أنا وشريكي لفرع في شرم
هزت رأسها وقالت بفرح صادق
.. مبرووك یا زیاد
استطرد سریعا برجاء
.. النهاردة الساعة سبعة
ورغما عنها انسابت الكلمات منها مؤكدة
.. أول