رواية نوفيلا الفصول الاولي
الشاشة.
اومأت في صمت و تبعته إلى الجهاز و حاولت أن تنفذ طلبه الغريب فهي أيضا ترغب في معرفة وزنها.
قال مبتسما بينما يعود إلى مكانه
وزنك مش كبير للدرجة اللي أنت متصوراها يا نسرين.
ابتهجت اساريرها كطفلة صغيرة و هتفت بفضول
طلعت كام!
غمزها بمشاكسة قائلا بمرح
ديه خصوصيات مرضى.
زمت شفتيها في ضيق و لكن سرعان ما ابتسمت فلا يهم الرقم مادامت في نظره ليست إلى تلك الدرجة من البدانة.
كانت غافلة تماما عن نظراته المتفحصة ثم انتبهت إليه بينما يخط بضعة كلمات في ورقة صغيرة ثم ألصقها بورقة كبيرة أخرى مصورة و اعطاها إياها لتتفحصها في فضول ثم رفعت رأسها متسائلة بدهشة
انتي مش بتحبيها و لا إيه!
هزت رأسها سريعا و هتفت
بحبها طبعا.
استطردت بتعجب
بس أنا استغربت..
قال بجدية
أنا مختلف عن أي دكتور تعرفيه يا نسرين و إن شاء الله هتوصلي للي أنت عايزاه رغم إنك ممكن تكوني لسه مش عارفه بالظبط إيه اللي أنت عايزاه.
لم تفهم تماما مغزى كلماته و لكنها تجاهلت الأمر و صورة لها ممشوقة القوام تتجسد أمام عينيها و ظلت على تلك الحالة حتى وصلت إلى المنزل.
دخلت إلى المنزل و بداخلها بهجة بالغة اتضحت في لمعان عينيها و تلك البسمة الشاردة على شفتيها لم ترغب في أي شيء يعكر صفو سعادتها لذلك اسرعت إلى غرفتها متجنبة النظر إلى والدتها و التي بدت في مزاج مناسب للسخرية منها و التجريح.
أنت فاكره إنك لمه تروحي لدكتور فأنت هتبقي زي مريم!
شحب وجهها رغم كل محاولاتها ألا تظهر مدى ألمها إلا إن تلك الرجفة التي أصابتها كانت واضحة و لحسن الحظ إنها لم ترى تلك الابتسامة المتشفية التي ترمقها بها والدتها و إلا لكانت آلامها ازدادت أضعافا.
استطردت الأم بلهجة مهينة
أنت عمرك ما هتبقي زيها هي ضفرها برقبتك إنما أنت فولا حاجه و هتفضلي دايما ولا حاجه.
و لا حاجه!
ترددت تلك الكلمة في ذهنها عدة مرات و كأن عقلها مصرا على تعذيبها و جلدها بإعادتها دون توقف.
خطواتها المستسلمة و انحناء منكبيها في استسلام أوضحا مدى ألمها حتى و إن لم تتحدث الأمر الذي أصاب الأم بسعادة بالغة و هي تتابعها فهي لن تسمح لأحد بأن يحاول مجرد المحاولة أن يصبح أفضل من صغيرتها مريم و قد خططت لإحباط نسرين عندما سمعت شادي يتحدث في الهاتف بخصوص الطبيب.
كفاية يا مريم أنت بتعملي مجهود مبالغ فيه أنت كده بتدمري نفسك!
قالت المدربة بحزم.
ردت بأنفاس متقطعة بينما تتابع الركض في مكانها
أنا كويسه يا كابتن سيبيني اكمل.
تابعت التمرن دون أن تبالي بتحذيرات المدربة فكلمات والدتها الموبخة لنسرين مازالت ترن في اذنها هي لا ترغب في أن تصبح منبوذة من والدتها كحال أختها لذلك يجب أن تعمل بجد حتى لا تسمن طيلة حياتها.
كانت مستلقية فوق الفراش بثيابها عيناها معلقتان بالسقف دون أن يرف لها جفن.
عضت على شفتيها تمنع نفسها من البكاء لأنها تدرك إن الأنهار قد تجف و لكن نحيبها لن يتوقف فعبراتها إذا انهمرت قد ټغرق مدنا بأكملها.
حاولت ألا تفكر في شيء و لكن مازال
ذهنها يذكرها بهويتها فهي لا تملك الحق في الحياه بل من هم مثلها كتب عليهم أن يتواروا في الظل دائما.
لقد تصرفت كحمقاء متفائلة ينتابها أملا في أن تكون كقريناتها من الفتيات.
ابتسامة مټألمة حامت على طرف شفتيها عندما فكرت في إنها اعجبت بطبيبها بل أن خيالها قد صور لها حلما جميلا في أن يكون لها يوما ما و تحصل على أسرة حقيقية تجد بها الحب و الدفء.
كفى!
فلا فائدة من أحلام لن تتحقق إلا بذوبان الثلج فوق قمة جبال الهيمالايا لا ذهاب إلى الطبيب مرة أخرى فتلك محاولات لن تجدي نفعا فهويتها سوف تظل في الخفاء خلف مريم واجباتها سوف تظل تنحسر في التنظيف حتى