رواية مريم كاملة
موعد !
في ڤيلا آلداغر ...
كانت وفاء تقف أمام النافذة لم تتوقف لحظة عن المراقبة منذ رحيل أخيها و حبيبها .. سامح
حاولت الإتصال بكليهما عدة مرات و لكن دون جدوي لم تحصل علي أي رد
و في الأخير عند أول ضوء لفجر اليوم الجديد رأت وفاء البوابة الرئيسية تفتح و تمر منها سيارة أخيها أولا ثم سيارات أفراد الحراسة ..
باب المنزل لتري سفيان يصعد الدرجات و هو يحمل إبنته علي ذراعيه ملفوفة بملاءة
غطت فمها بكفيها و هي تقول پذعر
إيه إللي حصل يا سفيان مالها ميرا
لكنه لم يرد و تابع سيره للداخل ..
وفاء بإنفعال إنت مابتردش عليا ليه بقولك البنت مالها
أمسك سامح بكتفها و ضغط عليه قائلا بصرامة
نظرت له و قالت بقلق
أنا خاېفة علي البنت . إنت مش شايفها عاملة إزاي !
إنتوا جبتوها منين يا سامح !!
زفر سامح مغمض العينين و تمتم بنفاذ صبر
جبناها من Night club . إرتاحتي
شهقت وفاء پصدمة و قالت
يانهار إسود .. طب قولي إيه إللي عمل فيها كده و حصلها إيه
مش وقتك خآاالص يا وفاء قولتلك إهدي لما نطمن علي البنت الأول
و هنا دوي صوت سفيان من الأعلي
وفآاااااااء
رفعت رأسها هاتفة
جآاااية .. ثم إلتفتت إلي سامح مكملة
خليك هنا ماتمشيش . و أنا هبعتلك الخادمة تشوف طلباتك إنت مالحفتش تتعشا أصلا
سامح أنا قاعد إطمني بس شكرا أنا مش جعان عايز فنجان قهوة بس
و ذهبت إلي المطبخ لتبعث له بخادمة تأتي بطلباته ثم صعدت إلي أخيها ....
.........
في غرفة ميرا ... بعد أن سطحها والدها علي فراشها ألقي بنفسه جالسا بجوارها
وضع رأسه بين يديه و أخذ التفكير يغزو رأسه كأفواج من الحشرات راحت تتأكله حتي إنتابه ألم لا يحتمل
سفيان ! .. قالتها وفاء عندما ولجت إلي الغرفة
أردفت و هي تمضي صوب ميرا مباشرة
البنت صحيت هي نايمة يعني و لا مغم عليها
سفيان بصوت جاف و شاربة يا وفاء .. ثم قام من مكانه مكملا بإيجاز
عايزك تكشفيلي عليها . شوفيها كويسة و لا لأ
أنا مستني برا .. و خرج بخطي ثابتة و أغلق الباب خلفه
بعد برهة من الزمن ...
تخرج وفاء من غرفة ميرا لتجد شقيقها متكئا علي سور الدرج إستدار حين سمع الباب ينفتح
شاهد أخته و هي تقبل عليه مبتسمة براحة ثم تقول
الحمدلله . ميرا كويسة يا حبيبي إطمن
أومأ سفيان رأسه و نظر للجهة الأخري بشرود
وضعت وفاء يدها علي كتفه و قالت بلطف
أنا عارفة إن بنتك شوكة في ضهرك يا سفيان . و عارفة إنها تعبتك في الفترة القصيرة إللي قضتها هنا معانا
بس بردو عارفة إنك أدها .. دي مسألة وقت . مش عايزاك تشيل هم كله هيبقي كويس
أزال سفيان يدها عنه و إتجه للأسفل و هو يقول
خليكي جمبها يا وفاء . و لو فاقت في أي وقت ماتكلميهاش و ماتجيبلهاش سيرة عن أي حاجة . سبيها لحد ما أجيلها أنا !...
كان يوسف محتجزا
بنفس السرداب الذي حبست فيه يارا من قبل ...
كان يسمع أصواتهم فئران هنا و هناك و رائحة عفن و رطوبة شديدة ...
أعصابه علي حافة الإنهيار و لكنه لا يستطيع أن ېصرخ أو يستغيث فهو بدون ذلك الرباط الذي يكمم فمه لا يقدر علي بذل أي مجهود
فقد أجهز سفيان عليه تماما و لم يترك فيه منطقة سليمة
كان البكاء هو الشئ الوحيد المتاح له فظل يبكي و يذرف دموعه بصمت ...
حتي سمع أصوات أقدام تقترب من السرداب و لحظات و سمع مفتاحا يدور بقفل الباب ثم ينفتح الباب و يفاجئه نورا أعمي بصره
إنه ضوء النهار غمر المكان كله بلحظة ... و شيئا فشئ إتضحت الرؤية أكثر لدي يوسف
حيث رأي سفيان يقترب منه بخطوات وئيدة لترتعد فرائصه و ترتسم علامات الذعر علي وجهه و هو ينظر إليه مترقبا مصيره المفجع
لكن سفيان توقف فجأة علي بعد مسافة قليلة منه و شد كرسي و جلس قبالته مادا جسمه للأمام ..
إنت عايز إيه من بنتي ياض .. قالها سفيان بصوت أجش مثقل بالڠضب
نظر يوسف له و هز رأسه للجانبين و عيناه تلتمعان بالدموع ..
سفيان بإبتسامة ساخرة
أه إنت مش عارف تتكلم عشان الرباط علي بؤك ده !
أوك ثواني .. و نادي علي الحارس الذي تركه أمام الباب
ولج الحارس الضخم فأمره سفيان بإزالة الكمامة عن فم يوسف ليفعل ما أمر به ثم يخرج في هدوء تام ..
ها بقي . ما ردتش عليا ! .. قالها سفيان بهدوء متكلف
يوسف بنبرة مهزوزة
أنا . ب بح بحبها .. و الله يا أنكل بحبها
سفيان و هو يكظم غيظه قدر إستطاعته
بتحبها تقوم واخدها ديسكو و تسقيها خمړة و في الأخر و تاخدها علي أوضة عشان
يوسف و الله ما لمستها . ما لحقتش آا ...
ما أنا عارف إنك مالمستهاش .. قاطعه سفيان صائحا و هو يهب واقفا پعنف و أكمل و هو يحدجه بنظرات مشټعلة
لأنك لو كنت عملتها ماكنش زمانك قاعد قدامي
دلوقتي .. كان زمانك في دورة هضم في بطون الكلاب بتوعي
يوسف برجاء و الله أنا ماكنش قصدي آذيها . أرجوك .. أنا حبيتها و إنت حاولت تبعدها عني
سفيان حاولت !
حبيبي . أنا سفيان الداغر لما بعوز أعمل حاجة بعملها مش بحاول .. و أديك إنت إللي حاولت تلوي دراعي و تاخد بنتي مني . حصل إيه بقي ماقدرتش تمس منها شعرة و جبتك هنا في مكان محدش يقدر يوصلك فيه . يعني ممكن ټموت و تعفن و لا هتلاقي لك صاحب يسأل عليك
تردد يوسف لكنه قال مغالبا خوفه
إنت ماتعرفش أنا إبن مين . أبويا زمانه بيدور عليا
مش هيسكت
سفيان بسخرية خليه يدور عليك . إن شاء الله يلاقيك في الأخرة .. و أكمل بلهجة قاتمة
هتقعد هنا إسبوع منغير أكل و شرب . و الله قدرت تستحمل و الروح فضلت فيك هاسيبك تخرج . ماقدرتش و سلمت روحك لربنا هتفضل هنا لحد ما جثتك تفني لوحدها
سلام يا .. چو !
و خرج تاركا إياه يتخبط في الكرسي صارخا
إستني .. يا سفيان بيه . أرجوووك ماتسبنيش كده
أنا آسف و الله هعملك إللي إنت عايزه . بس خرجني من هنآااااااا . يا سفيان
بيه !
و لكن دون فائدة ذهبت إستجداءاته كلها أدراج الرياح بينما ذهب سفيان إلي منزله شاعرا بقليل من صفو البال ...
في منزل يارا ... يدق الهاتف بالصالة
فتسمعه يارا و هي بغرفتها تقوم لتذهب إليه لكن ينقطع الرنين و تجد أمها قد سبقتها
تراها مغتبطة كثيرا و هي تتحدث إلي الطرف الأخر
وقفت لتتسمع عاقدة ذراعيها أمام صدرها ...
ميرڤت بسعادة كبيرة
أيوه يا سامي .. فهمت أه .. إنهاردة الساعة 8 .. إنت تيجي بدري بقي .. إن شاء الله .. كله هيبقي تمام ماتقلقش .. أيوه إنهاردة أجازة يارا .. ماشي .. مع السلامة
و أففلت ..
عمي كان عايز إيه يا ماما .. تساءلت يارا من مكانها
ميرڤت و هي تلتفت لها
بسم الله الرحمن الرحيم . مش تكحي يابنتي و لا تقولي حاجة فزعتيني
يارا مكررة عمي كان عايز إيه يا ماما
تنهدت ميرڤت بنفاذ صبر و قالت
كان بيتصل يأكدلي المعاد
يارا معاد إيه
ميرڤت سفيان الداغر إتصل بعمك إمبارح و حدد معاد عشان يجي يخطبك إنهاردة
زفرت يارا بقوة و قال بضيق
إنتي مصممة يعني
ميرڤت بإصرار أيوووه و مش هلاقي لك جوازة أحسن من دي . الراجل زي الفل مايترفضش
زمت يارا شفتاها و قالت بعزم
ماشي .. خليه يجي . و أنا هثبتلك أنه مش مدهش أوي كده ....... !!!!!!!
يتبع ...
الفصل 15
غير متوقع !
بعد يوم طويل و شاق ... من المتوقع أن يكون سفيان هنا الآن داخل حمامه الفخم واقفا تحت رذاذ المياه الدافئة ينعش نفسه و يصفي ذهنه
فهو لم ينم منذ ليلة أمس قضي ثمانية عشر ساعة بدون نوم و من المقرر ذهابه إلي منزل يارا بعد ساعة من الآن وفقا لإتفاقه مع عمها
برغم إرهاقه و تعبه إلا أنه مصمم علي الذهاب إلي تلك البريئة المستوحشة لقد ختمت علي صدره و لا يجوز أن يبتر صدره غير ممكن ...
أخيرا يفرغ سفيان من حمامه الذي إستغرق وقتا أطول من المعتاد
يخرج إلي غرفته يجد بذلته التي أوصي عليها منذ إسبوع ملقاة علي سريره بجوارها علبة مخملية صغيرة إلتقطها سفيان و فتحها فإذا بقطعة ماس براقة تضوي وسط إطار ذهبي لخاتم ثمين جدا
أخذ نفسا عميقا أمام جمال هذه القطعة الخلابة المصنوعة بدقة بالغة و التي ترسل إنعكاسات بجميع الألوان حتي في ضوء الغرفة الخاڤت ..
أقفل العلبة و أعادها حيث كانت ثم باشر بتجهيز نفسه
بعد أن قام بتصفيف شعره إرتدي البذلة الفاخرة ذات القميص الأسود و السترة القاتمة لم يرفق معها ربطة عنق و ترك الثلاثة أزارار العليا دون إغلاق .. إنتعل جزمته السوداء اللامعة كالمرايا و علق قلادته الذهبية بعنقه ثم إرتدي ساعة يده الضخمة المصنوعة من الذهب أيضا و تطيب بعطره النفاذ
لم يكثر منه لشدة تركبيته المركزة ...
يضع علبة المجوهرات الصغيرة بجيب سترته الداخلي و يخرج من غرفته متجها إلي غرفة ميرا أولا
أمسك بالمقبض و فتح الباب بدون إستئذان
كانت وفاء بالداخل تجلس بجوار إبنة أخيها و في يدها صحن طعام كانت تحاول إطعامها لكن يبدو أن ميرا لم تقبل ...
سفيان ! .. قالتها وفاء و هي تنظر نحو أخيها و تابعت بقلق
أنا كنت بأكل ميرا الغدا بتعاها . بس هي مغلباني شوية .. و صمتت حائرة
إطلعي و سبينا لوحدنا شوية يا وفاء .. قالها سفيان بصوت صارم دون أن يحيد ناظريه عن إبنته
وفاء بتوتر أسيبكوا لوحدكوا ! سفي آا ..
وفاء
! .. قاطعها سفيان و هو ينظر لها بقوة و تابع
من فضلك . إطلعي و سبيني مع بنتي شوية
نظرت له بغير ثقة لكنها إنصاعت له و قامت ..
همست بأذنه حين مرت بمحاذاته
سفيان بليز بالراحة
عليها . عشان خاطري البنت بجد مش حملك . خليك لطيف بلييييز . و أه أنا أسفة حكتلها علي حاجة كنت مضطرة و الله .. و إنطلقت خارجة بسرعة
ثبت سفيان بمكانه و لم يبدي أي إنفعال ..
بينما كانت ميرا منكسة