الثلاثاء 26 نوفمبر 2024

رواية سارة كاملة

انت في الصفحة 1 من 19 صفحات

موقع أيام نيوز

الفصل الأول
ذات صباح يشبه غيره فتحت عيونها الناعسة شديدة الحمره من قلة النوم و الراحة تنظر إلى سقف غرفتها الكئيب كباقى البيت بلونه الرمادى و تلك فتحهم بشكل جيد فالرؤية مشوشة حقا
لم تنم جيدا منذ أكثر هى حقا لا تتذكر 
أغلقت باب الحمام و جذبت تلك الستارة لتداري بها تلك الفتحات التى تملىء ذلك الباب و نظرت إلى المرآة المکسورة ليهولها ذلك المنظر

هل هى تلك المرأه التى تنظر إليها من المرآة هل تلك التجاعيد ترتسم حول عيونها و فمها هل تلك الآثار لسنوات طوال لأمرأه عجوز تظهر على وجهها أم أنها تتخيل
أم هذا ما أصبحت عليه روحها جسد شابه وروح عجوز هرمه رأت من الحياة ما يجعلها تزهدها و تتمنى الرحيل منها سريعا
أغرقت وجهها ببعض المياة و غادرت الحمام لتجد جميع أخوتها يصطفون حول الطاولة الأرضيه ينتظرون الإفطار
أخذت نفس عميق ببعض الضيق ثم دلفت إلى المطبخ و بدأت فى تحضير صحن الفول و الخبز حتى تخرج للعمل الذي تعود منه لا ترى شىء أمامها من كثرة الإرهاق 
وضعت الطعام على الطاولة الأرضيه و دخلت إلى الغرفة أرتدت ملابسها التى أصبحت مهترئه من كثرة لبسها لها و غسيلها
و غادرت بعد أن ألقت نظرة على أخوتها الذين يتصارعون على قطع الخبز 
و ككل يوم تصل إلى ذلك المصنع الصغير لصنع الملابس دخلت مباشرة إلى غرفة التبديل و ضعت فوق ملابسها ذلك البالطو الأبيض و توجهت مباشرة إلى الماكينه الخاصة بها
و حين جلست وصلها صوت رئيس الوردية البغيض
أيوه كده الشمس طلعت و نورت و نقدر نقول نهارنا نادي
لم تنظر إليه و لكنها بدأت فى العمل مباشرة
ليقف أمامها مباشرة و أتكىء على ذراعيه ينظر إلى وجهها الخالى تماما من مساحيق التجميل
و ملامحها التى لا يرى أجمل منها فى عينيه
كان ينظر إلى تفاصيلها و هو يفكر
يعلم جيدا إنها تراه سمج و ثقيل الډم لكنه يعشقها و يشفق عليها مما تحمل فوق كتفيها من مسؤلية لذلك لا يدقق على تأخرها و أحيانا أخطائها فى العمل بسبب أرهاقها و تعبها الواضح لعينيه بوضوح يؤلم قلبه بشده
طرق على الطاولة بأطراف أصابعه لترفع عيونها إليه ليبتسم إبتسامة صغيرة و غادر
ظلت عيونها تتابعه حتى دلف إلى المكتب الخاص به شاب ثلاثيني أسمر البشرة بلحيه كثيفة و شارب و حاجبيه كثيفين أيضا ملامح مقبوله لا يشوبها سوى ذلك الأثر لچرح كبير فى جبينه مرورا بنصف حاجبه
عادت إلى ما تفعله و هى تفكر اليوم سوف تأخذ راتبها و تدفع الإيجار المتأخر و أيضا تشترى بعض الطعام الجيد لأخوتها و الحذاء الذى يحتاجه أخيها الصغير 
أخذت نفس عميق و هى تلوى فمها بضيق
إذا قامت بدفع كل ذلك المال ماذا تبقى لنهاية الشهر أغمضت عيونها لعدة ثواني ليثقب الدبوس الخاص بماكينه الخياطة أصبعها لتصرخ صړخة صغيرة لكن إنتبه لها ذاك الذى أصبح قلبه ملك لها منذ أول يوم حضرت للعمل هنا وقف أمامها وقال بقلق
مالك يا هدير 
رفعت عيونها إليه و قالت بدموع حبيسه داخل عينيها
صابعي
عاد جعفر إلى داخل مكتبه و عاد إليها و بين يديه لاصقه طبيه و بأهتمام واضح و سرعة بداء فى لف أصبعها باللاصقه الطبيه و حين أنتهى نظر إليها و قال بعيون تشع حب
خلي بالك و أنت شغاله حرام صوابعك
لم تعقب على كلماته و لكنها أومئت بنعم و عادت تجلس مكانها من جديد و عادت إلى عملها لينظر هو إلى باقى الفتايات و قال بصوت عالي
كله يرجع لشغله مش عايزين عطله
ساعات و ساعات مرت عليها وحالها كحال جميع الفتايات ظهرهم منحني
فوق ماكينة الخياطة حتى خرج جعفر من مكتبه و هو يقول
يلا ساعة الغدا
توقفت جميع الماكينات ماعدا واحدة و خرجت جميع الفتايات إلا هى
ليس معها مال و لم تحضر طعام من المنزل فلا تستطيع مشاركة باقى الفتايات الغداء
كان قلبه يؤلمه من أجلها لكنه يعلم جيدا أنها سترفض أن تتناول معه الغداء أو أن تأخذ منه المال
ظل واقف عند باب غرفة مكتبه ينظر إليها و هى تعمل بقوة و سرعة 
لم يكن فى يده شىء يفعله سوى أن يظل هو الآخر دون غداء و لكنها لم تتناول أيضا الإفطار و هذا اليوم الثالث لها و لم يدخل جوفها سوى بضع لقيمات لذلك هى لا ترى بشكل سليم و لذلك جرحت أصبعها
و كأن القدر و جسدها أتفقا عليها لم تشعر بنفسها إلا حين فتحت عيونها تنظر إلى ذلك السقف الأبيض الذى يختلف تماما عن سقف بيتها
نظرت حولها لتجد جعفر يقف أمام النافذة يعطيها ظهره قالت بصوت هامس
أسطى جعفر
ألتفت إليها سريعا و القلق و بعض الضيق يرتسموا بوضوح على ملامحه
و أقترب منها بهدوء ثم جذب الكرسي و
وضعه بالقرب من السرير و عيونه ثابته على عيونها شديدة الحمره و وجهها الشاحب كالأموات
ظل الموقف ثابت و الصمت ثالثهما و هى لا تفهم ماذا حدث و لكن كل ما تشعر به الأن إنها أخطئت خطىء كبير حتى جعل الأسطى جعفر فى تلك الحالة من الڠضب
كادت أن تقول شىء حين تكلم هو من بين أسنانه
أنت بقالك كام يوم مأكلتيش 
جحظت عيناها پصدمه و أنتبهت إلى المكان حولها خاصه حين رفعت يديها الموصول بها المغذي لتشعر بوغزة الحقنة فى وريدها
ليكمل هو بنفس الڠضب المكتوم
ردى عليا بقالك كام يوم مدخلش جوفك حاجة تسند قلبك 
أخفضت نظرها خاصة و هى ترى ذلك الأهتمام الكبير بها داخل عينيه إهتمام لم تراه يوما فى عيون من هم منها و يجري فى وريدهم نفس الډماء
أنت عايزة ټموتي نفسك 
قالها بصوت ملتاع و قلب يتألم و روح تكاد تغادر جسده لتسكن جسدها تضمها تقطب چروح روحها و قلبها
أنحدرت تلك الدمعة الحبيسه داخل عينها حين قالت
هو أنا قد ذنب أنى أموت نفسي أنا بخاف من ربنا و بخاف أزعله مني راضية بكل إللى أنا فيه لكن ورايا كوم لحم عايز ياكل و يشرب و يلبس ساقية مربوطة فيها و عيني متغميه حتى عن نفسي يعلم كان يعلم كل تلك الحمول التي ألقيت فوق كتفيها منذ سنوات و حملتها هذه الطفلة الصغيرة بدلا عن والد لا يستحق ذلك اللقب و أم مريضة لا حول لها و لا قوة و لكن أن يسمعها منها خاصه بذلك الألم الذي يسكن صوتها أنه لكثير عليه حقا لم يعد يحتمل خاصة و هو يتذكر كلمات الطبيب
جسمها ضعيف جدا تقريبا بقالها ثلاث أو أربع أيام مأكلتش حاجة و كانت داخله فى مرحلة جفاف
عاد الصمت سيد الموقف من جديد و كل منهم سارح فى أفكاره هى تلوم نفسها على كل ما قالته منذ متي تشتكي حالها منذ متي تلقى بعض من حمول روحها لأحد لابد أن تعود للصمت من جديد عليها أن ترى دائما كل الأبواب موصده بأقفال صدئه حتى تتحمل ما هى فيه بصمت
كان يتابع نظرات عيونها إنقباضة أصابعها على شرشف السرير و يعود يرتسم أمام عينيه هيئتها حين سقطت

انت في الصفحة 1 من 19 صفحات