الإثنين 25 نوفمبر 2024

رواية دعاء الجزء الثاني

انت في الصفحة 15 من 20 صفحات

موقع أيام نيوز

والدته رأسها نفيا وابتلعت طعامها ثم قالت
عندها درس بعد الامتحان على طول بتسأل ليه
ترك الملعقة من يده ونظر إلى والدته متسائلا
درس أيه ده وفين
نظرت إليه والدته بتفكير ثم قالت
مش عارفة درس أيه بالظبط اللى اعرفه أنها عندها درس بطلت أكل ليه
تناول ملعقته مرة اخرى وقال بضيق
أنا مبحبش قصة الدروس اللى مالهاش مواعيد دى وبعدين ما تاخد الدرس فى بيتها
لازم تروح تتنطط عند الناس بره والله أعلم بيوتهم عاملة ازاى وشكلها أيه وعندهم رجالة ولا لاء 
صمت قليلا ثم أردف قائلا
لما ترجع ابقى نادى عليها علشان عايزها لما نشوف أيه حكاية الدروس دى
شردت والدته قليلا وهى تقلب طعامها فى طبقها عدة مرات حتى لاحظ هو ونظر إليها وتسائل باهتمام
مالك يا ماما مبتكليش ليه
وضعت أمه معلقتها وشبكت أصابعها أمامها وهى تستند بمرفقيها على المائدة ونظر إليه بعمق وقالت
تسمح ملكش دعوة بالحكاية دى مهرة كبرت يا فارس ومينفعش تفضل تتعامل معاها كده وبعدين اخوها يحيى كبر وبقى راجل وهو اللى يقولها رايحة فين وجاية منين والكلام اللى انت عاوز تعمله ده
قالت جملتها الأخيرة وهو ينظر إليها بدهشة لا يكاد يصدق ما يسمع فقال باستغراب
من أمتى وانا مش مسئول عن مهرة أنت قولتيلى الكلام ده قبل كده لما جبتلها الخمارات وانا مركزتش معاكى لكن لما يتعاد تانى يبقى فى حاجة انا معرفهاش
مدت يدها وربتت على يده وقالت بشفقة
أنا عارفة انك انت اللى مربيها وبتعتبر نفسك مسئول عنها لكن يابنى دلوقتى الوضع اختلف مهرة كبرت خلاص
ترك ملعقته ونهض وهو يقول بانفعال شديد
معنى انها كبرت انى خلاص أشيل أيدى من المسئولية وانا عارف أن اخوها مكبر دماغه وبره البيت طول اليوم وابوها مسافر وسايبهم 
أعتدلت والدته وهى تقول 
طب يابنى تعالى كمل أكلك مالك زعلت كده ليه
أتجه إلى غرفته وهو يقول باقتضاب 
معلش يا ماما شبعت عن أذنك هدخل اريح شوية
هزت والدته رأسها فى عدم رضا وهى تقول بأسف
ربنا يهدى الحال
دخل فارس غرفته متبرما ألقى جسده على الفراش كما لو كان يدفع حملا ثقيلا عن كتفيه قد أثقله كيف يتركها وهى هى التى ولدت ووضعت بين ذراعيه مباشرة قبل أن تلامسها يدي والدتها وقبل أن يراها أخيها وقبل أن يعلم أبيها بأنها قد جاءت إلى الحياة هى التى كبرت بين يديه واحتوتها غرفته لسنوات طفولتها ومشاغباتها وألعابها وسعادتها ومرحها بل وبكائها وتبرمها وضجرها وزرع فيها القيم والأخلاق التى أحبها وعاداته المفضلة فأصبحت تتوقع تتصرفاته قبل أن يفعلها وعلم عنها كل شىء بل وأكتشفها كما اكتشفته فاصبحت كتابا مفتوحا أمامه خالى من الألغاز لاتوجد به علامة استفهام واحدة ترددت كلمات أمه فى عقله مقتحمة ذكرياته مبعثرة أفكاره وهى تخبره أن أخيها أولى بها لأنها قد كبرت وضع الوسادة على وجهه يريد أسكات هذه الكلمات التى غزت عقله وقال بعناد وبصوت مسموع لا لم تكبر !
نقر عمرو بخفة نقرات بسيطة باب مكتب صلاح ثم فتحه وأطل برأسه داخله وهو يقول
صباح الخيرات
ضحك صلاح وهو ينهض ويتجه إليه عانقه بحرارة وهو يقول
حمدلله على السلامة جيت أمتى 
قال عمرو بمرح
لسه نازل من الجتر يا بشمهنديز
أهتز صلاح ضاحكا وهو واضع ذراعه على كتف عمرو وقال
لاء شكلك أخدت الچنسية من كتر قاعدتك هناك
جلس عمرو على المقعد المقابل للمكتب وقال برجاء
أبوس أديكوا بقى كفاية أنا لفيت جمهورية مصر العربية كلها هو انا عملت فيكوا ايه علشان ترحلونى كل شوية كده
أختفت أبتسامة صلاح وجلس على المقعد المقابل لعمرو وقال بجدية
يعنى مش عارف عملت ايه حد قالك تتجوز
أستند عمرو بمرفقه على حافة المكتب ولوح بيديه قائلا
هو انا عارف
اتجوز هى
الشركة
كل مشاريعها خارج القاهرة ليه نفسى اعرف
مال صلاح للأمام وقطب جبينه قائلا
أسمع يا عمرو أنت عارف أنى بحبك زى ابنى بالظبط وبصراحة كده انا مش عاجبنى تصرفاتك أنت زى ماتكون عاجبك اللى بيحصل ومبسوط أن فى حد بيجرى وراك وعايزك
عقد عمرو يديه أمام صدره وقال معترضا
هو انا يعنى عاوز أتمرمط كده أنا بس والله عاوز احوش قرشين علشان اعرف اجيب العفش ولو سبت الشغل دلوقتى يبقى قول على جوازى يا رحمان يارحيم أعمل ايه مضطر استنى واشتغل واسافر واستحمل بعدى عن أهلى ومراتى لحد ما الاقى شغل تانى على الأقل بنفس المرتب اللى باخده هنا 
أسند صلاح ظهره إلى المقعد وقال متسائلا
يعنى جبت الشقة خلاص
قال عمرو بابتسامة واسعة 
أه الحمد لله حاجة كده إيجار بس حلوه ومش محتاجه توضيب كتير يعنى تقريبا جاهزة
أبتسم صلاح وهو يقول متهكما
يعنى عاوز ثلاث سنين كمان علشان تعرف تجيب العفش !
زفر عمرو بحنق وقال بضيق
والله منا عارف انا شكلى هطلب سلفة أنت ايه رايك
حك صلاح ذقنه وصمت قليلا يفكر ثم قال
فى حل تانى غير السلفة اللى انا متأكد ان مدام إلهام مش هتوافق عليها
قال عمرو بلهفة
إلحقنى بيه قوام
صلاح 
عندى واحد صاحبى عنده معرض كبير للأثاث هو بيبيع بالقسط أنا هروح معاك اعرفك المكان واكلموا وهو هيظبطك فى حكاية القسط دى ان شاء الله متشلش هم
هب عمرو واقفا وأمسك رأس صلاح وقبلها بقوة وقال
ربنا يخليك لينا يا كبير
ضحك صلاح ثم قال بجدية
عاوز نصيحتى أمشى دلوقتى قبل ما حد يشوفك ونتقابل بعد المغرب ونروح المعرض سوا بكره وبعده أجازة ممكن تاخد مراتك وتروحوا تنقوا العفش 
ثم أشار له محذرا وقال
ولما تنوى على معاد الفرح أنا اللى هخدلك الأجازة بنفسى علشان محدش يقفلك فيها
عانقه عمرو فى سعادة ثم تركه فجأة وفتح الباب وفر هاربا ! 
كان فارس عائدا من عمله فى وقت الظهيرة وقبل أن يأخذ طريق المنعطف إذا به يصطدم بعمرو الذى كان يمشى بخطوات واسعة فى الاتجاه المعاكس وهو على عجلة من أمره تفاجأ فارس بعودة عمرو وهتف وهو يعانقه فى سعادة 
عمور جيت امتى حمد لله على السلامة
عانقه عمرو بقوة وربط على ظهره وهو
يقول
واحشنى يا ابو الفوارس أنا لسه جاى طازة
فارس 
ورايح على فين كده
مسح على شعره وقال بابتسامة واسعة
أصلى هروح عند عزة كمان شوية وقلت يعنى اجيبلها هدية بقالى كتير معملتهاش
ضحك فارس وهو يقول
أيه ده بقى عندك ډم أخيرا مبروك يا اخى 
عمرو 
الله يبارك فيك عقبالك كده لما تتجوز وتريحنا منك
تذكر عمرو مقابلته مع صلاح فقال سريعا
صحيح يا فارس ما تيجى معايا النهاردة هروح معرض بيبع عفش بالقسط أيه رأيك تيجى تتفرج أستاذ صلاح يعرف صاحب المعرض وهيظبطلى موضوع التقسيط وان شاء الله هيبقى القسط حنين
لمعت عينيى فارس وقال
أنت وقعتلى من السما يابنى ده انا كنت فى مشكلة بسبب الموضوع ده محتار هجيب العفش منين وبكام
ربط عمرو على ذراعه وهو يقول بغرور
خلاص نتقابل نروح سوا بس ابقى عد الجمايل بقى ها 
ثم أردف متسائلا
هتناقش الرسالة أمتى 
قال عبارته الأخيرة وهو يرى فارس ينظر فى الأتجاه الآخر بتركيز فأعاد عبارته مرة أخرى ولكنه لم يجبه أيضا بل وتركه وتحرك بسرعة تابعه عمرو بعينيه فوجده يتحرك فى اتجاه مهرة التى تسير بسرعة كبيرة وكأنها تستعد للعدو وأخيه محمود يسير خلفها يحاول أن يتكلم معها ومن الواضح أنه يضايقها فزعت مهرة عندما تفاجأت بفارس مقبلا عليها مسرعا والشرر يتطاير من عينيه وهو ينظر لمحمود وقد احتقن وجهه أصفر وجه محمود عندما رأى فارس فى هذا الوضع وتسمر مكانه أمسك فارس بتلابيب محمود وقال زاجرا
أنت راجل انت ! ده بدل ما تحميها
أقترب عمرو فى سرعة وخلص أخيه من قبضة فارس وهو يقول
معلش يا فارس أمسحها فيا
ثم نظر لمحمود مؤنبا وقال
كده يصح يا محمود برضة
شرعت مهرة فى التدخل ولكن فارس نظر إليها بصرامة أخافتها وصاح بها
أمشى اطلعى على البيت وحسابى معاكى بعدين
خاڤت مهرة وهرولت إلى المنزل سريعا أطرق محمود رأسه أرضا وهو يقول
أنا مكنش قصدى اعاكسها أنا كنت عاوز اقولها انى عاوز اخطبها وهى كانت مش عاوزه تسمعنى
أمسكه فارس من ملابسه مرة اخرى وقال بعصبية
تخطب مين يلا مش لما تبقى راجل الأول وتحافظ على بنات الناس
تدخل عمرو مرة أخرى وخلص أخيه وهو يحاول تهدأت فارس الذى أفلته وتوعده بعينين تشعان ڠضبا وقال بلهجة صارمة 
أنا مرضتش أمد أيدى عليك علشان خاطر عمرو بس لكن لو الموقف ده اتكرر تانى محدش يلومنى على اللى هيحصلك على الله تقرب منها تانى ولا حتى تيجى على بالك أنت فاهمنى يلا ولا لاء
قال كلمته الأخيره وتركهم وانصرف فى ڠضب هادر نظر عمرو إلى أخيه محمود وقال بجدية
من أمتى واحنا بنعاكس البنات فى الشوارع يا محمود عيب يا أخى ده
انت
حتى صاحب أخوها يحيى
قال محمود بضجر وهو يلوح بيديه
وهو ماله هو أبصلها ولا افكر فيها هو كان ولى أمرها وبعدين انا غرضى شريف وهخطبها يعنى هخطبها
دفعه عمرو من كتفه باتجاه البيت وهو يقول
طب امشى بقى فورت دمى
وتركه وأنصرف فى طريقه وهو يتمتم 
أيه البلاوى دى أروح للموزة بتاعتى ازاى وانا دمى فاير كده
دلفت مهرة باب شقتها وأغلقت الباب خلفها وهى تضع يدها على صدرها الذى كان يعلو ويهبط بسرعة وقد تلاحقت أنفاسها بشدة كأن أسدا كان يلاحقها أقبلت عليها والدتها مسرعة وهى تنظر لها بلهفة وقالت 
مالك يا مهرة فى حد بيجرى وراكى
حاولت ألتقاط أنفاسها وقالت وهى تجلس على أقرب مقعد
فارس شاف محمود وهو ماشى ورايا وكان هيضربه
محمود مين صاحب يحيى! وكان ماشى وراكى ليه ده وعايز منك ايه
بيقولى عاوز يخطبنى
جلست أم يحيى أمامها وقالت بتفكير
هو قالك كده ! طب ازاى ده لسه طالب فى الجامعة
نظرت لها مهرة وقالت متبرمة
طالب ولا مش طالب أنا أصلا مش طايقاه وهقول ليحيى ميدخلوش هنا تانى
قالت والدتها بسرعة 
أسكتى انت ملكيش دعوة أنا هبقى اشوف الحكاية دى
نهضت مهرة وحملت حقيبتها لتدخل غرفتها وهى تقول بحنق
حكاية أيه يا ماما ده ولد مش كويس وكمان شوفته مرة وهو بيشرب سجاير ولو كلمنى تانى هقول لامه
قالت كلمتها الأخيرة بعصبية ودخلت غرفتها نظرت إليها والدتها وضحكت وهى تردد كلمتها الأخيرة
هتقولى لامه !! هتفضلى عبيطة لحد أمتى يا بنتى
خرجت عزة من غرفتها سريعا عندما استمعت لصوت عمرو فى الخارج وهو يتحدث مع والدها بصوت مرتفع ويضحك بشدة تلك الضحكات التى تأسرها وتزلزل قلبها أصطدمت بوالدتها التى كانت متوجهة للمطبخ أتسعت عينيى والدتها وقالت بدهشة
خضتينى
يا عزة بتجرى كده ليه
أرتبكت عزة وهى تقول
مفيش يا ماما تقريبا كده حد بينده عليا
نظرت لها والدتها بخبث وقالت
ياسلام يابت اتقلى شوية يقول عليكى ايه
ثم أردفت وهى تتجه للمطبخ 
تعالى ورايا خدى الشاى علشان تقدميه بدل ما تخرجى زى العبيطة كده
تبعتها عزة وبدأت فى صنع الشاى فدخل والدها المطبخ وقال وهو ينظر إليها
بتعملى أيه عندك يالا اطلعى سلمي
14  15  16 

انت في الصفحة 15 من 20 صفحات