رواية دعاء الجزء الاخير
هارون باشا وبعدين ندى على المخبر وقالوا حضرلى التونيك
قاطعه عمرو متسائلا
أيه التونيك ده
أجابه الرجل
ده الجهاز اللى بيصعقونا بيه بالكهربا وفضلوا يعذبوا فيا بالكهربا وانا عريان وفى الاخر
ثم اشار للرجل الاخر وقال
لقيت الراجل ده جايبينه برضه متغمى وبيقولولى هو ده اللى اشترى التايمر
منك بصتله كده وقلت لاء
انا اصلا من القاهرة ايه اللى هيودينى سينا علشان اشترى تايمر غسالة خدونى من بيتى من وسط ولادى وشدوا النقاب من على وش مراتى وكانوا عاوزين يعتدوا عليها قدامى لولا ستر ربنا وكل اللى طالع عليهم أنت بتصلى الفجر فين وسايب دقنك ليه زى ما تكون صلاة الفجر تهمه ودقنى چريمة فضلوا يعذبوا فيا أربع ساعات كهرباء ولما عرفت أنطق قلتلهم عاوز اصلى وقف الظابط قدامى وقالى صليلى قول سبحان هارون وبحمده سبحان هارون العظيم فضلت ابكى واقوله خاف ربنا يقولى ربنا مين مسمعتش الاسم ده قبل كده
كان حلقى بيتقطع من كتر الټعذيب قلتلهم عاوز
اشرب رد عليا واحد منهم قالى مينفعش يا حبيبى أحنا خايفين عليك أنت متوصلك كهربا فشړ السد العالى لو شربت ھتموت أول مرة أحس ان روحى بتطلع وترجع تانى مكانها
أردف الرجل الاخر
أنا لقيوا عندى سيديهات عن الويندوز وتصليحه والبرامج ولقيت وكيل النيابة وهو بيقرا عناوين السيديهات بيقول للى بيكتب جنبه انهم لقيوا سيديهات عن ازاى تركب قنبلة وتفجرها عن بعد ومرسومات لكنسية ازاى تتسلق وتدخل تحط قنابل فى اماكن محدش يكتشفها
نظروا إلى بعضهم بعضا وكأنهم يودعون بعضهم ويشيعونهم ونظرا إليهم الرجلين نظرات شفقة وخوف زادت من فزعهم نهض ثلاثتهم ولكن بلال أمسكهم من أكتافهم ونظر إليهم قائلا
تقدم الثلاث وهم يرددون الدعاء فى خفوت ولقد
كان قلب فارس يعتصر اعتصارا منذ أن علم أن الټعذيب يتم بمعرفة وكيل نيابة وتحت نظره سار الثلاثة فى رواق ضيق طويل وصدورهم تلهج وتأجر إلى الله سبحانه وتعالى وبلال يتمتم
اللهم انهم لا يعجزونك
دخل ثلاثتهم غرفة صغيرة أخرى ولكن هذه المرة يتوسطها مكتب يجلس خلفه رجل عرفه فارس من أول وهلة حدق فارس به لبرهة فنهض الرجل قائلا
وجد فارس نفسه يقول دون وعى
أنت ازاى تشوف الټعذيب ده وتسكت عليه
قال وكيل النيابة الذى كان زميلا له فى الكلية
مفيش وقت للكلام ده يا فارس كويس انى عرفت انك هنا بالصدفة ربنا وحده
هو اللى خلانى اشوف أسمك بالصدفة فى اللى جم أمبارح أسمع انت هتترحل دلوقتى على طره أهو أحسن من هنا على أى حال
يا فارس انا كنت زيك بحلم ابقى وكيل نيابة وربنا حققى حلمى مكنتش اعرف أنى هشتغل فى أمن الدولة ولما شفت المهازل اللى بتحصل هنا عملت فيها شجيع وقلت اروح اقدم بلاغ للنائب العام وقبل ما ادخله قابلت ولاد الحلال اللى يعرفونى وقالولى هو انت مكنتش تعرف أنه كان بيتشغل فى مباحث أمن الدولة عشر سنين وكان راضى عن اللى بيحصل هتدخل تقوله ايه حافظ على نفسك وعيالك وحاول تتنقل لأى جهة تانية من غير ما تقول حاجة ولا تفتح بؤك وانا يا فارس قدمت طلب نقلى وهنفذه قريب والحمد لله انك جيت قبل ما انا امشى ولا مكنتش هتخرج من هنا على رجلك زى ما دخلت ولا انت ولا اصحابك أنت متوصى عليك جامد يا فارس
نظر عمرو إلى بلال بذهول بينما حدق به فارس قائلا
مين اللى موصى علينا وليه
قال صديقه
معرفش كل اللى عرفته انك متوصى عليك انت بالذات ومكنوش هيخرجوك سليم من هنا أنا ادخلت وهرحلك انت وصحابك على طره لحد ما تشوف هتخرج منها ازاى وأوعدك انى اساعدك على قد ما اقدر
ضغط أحد الازرار أمامه فدخل على فور أمين شرطة يرتدى زى ملكى وقال له بلهجة صارمة
خد دول يابنى على عربية الترحيلات أوراقهم اهى
أستقل ثلاثتهم سيارة الترحيلات وهم يعتذرون فى داخلهم للوحوش التى يقال عنهم انهم مفترسين وبلا رحمة
نهضت مهرة من نومها فزعة وهى تصيح
الدكتور حمدى
وأخذت توقظ أم فارس وتهزها بقوة جعلتها تستيقظ فزعة ونهضت جالسة وهى تهتف بها
مالك يا مهرة فيكى ايه
صاحت مهرة وكأنها غريق قد وجد لوح من الخشب فى قلب المحيط يتعلق بها لعلها تنجيه من الڠرق وقالت
الدكتور حمدى يا طنط مفيش غيره هو اللى هيعرف طريق فارس فارس كان بيقول عليه بيحبه وبيعتبره زى ابنه
تلقت دنيا اتصالا هاتفيا وهى غارقة فى نومها على فراشها الوثير فى بيت والدتها تململت فى الفراش وهى تنظر للرقم أتسعت حدقتاها وخفق قلبها خوفا وأجابة بتردد فقالت أم فارس لهفة
معلش يا بنتى صحناكى من النوم أنا عاوزه رقم الدكتور حمدى صاحب المكتب يا دنيا
هو الوحيد اللى هيعرف طريق فارس ليه معارف كتير
أبتلعت دنيا ريقها وقد غارت عيناها وقالت
بس الرقم
مش معايا هنا دلوقتى بكره اروح المكتب أجيبه
قالت ام فارس برجاء
ارجوكى يا بنتى مش هقدر استنى للمغرب مينفعش تروحى المكتب بالنهار
توترت دنيا أكثر وقالت بتلعثم
اه اه هحاول اشوف ينفع ولا لاء وهرد عليكى فى اقرب وقت وبعدين مفيش داعى تتعبى نفسك انا لما اروح المكتب هكلمه واطلب مساعدته مټخافيش
أغلقت دنيا الهاتف وهى ټلعن اليوم الذى جعلها توافق على اقتراح باسم وقالت بعصبية
هعمل ايه دلوقتى لو الدكتور حمدى عرف كل حاجة هتبوظ
ظلت تفكر منذ طلوع الفجر وحتى قرب وقت الظهر وهى ترتشف القهوة كوبا تلو الآخر حتى هداها شيطانها لفكرة لمعت فى رأسها على الفور وبلورها لها عقلها أنتظرت حتى بعد الظهر بقليل ثم أعادت الأتصال بام فارس مرة أخرى وقالت لها بأسى
انا
آسفه يا طنط الدكتور حمدى تعبان أوى وسافر بره يتعالج مش موجود فى مصر ومش عارفة اوصله
أجرت مهرة اتصالا هاتفيا تقوم به لأول مرة منذ زواجها وقالت بارتباك
علاء من فضلك محتاجة منك حاجة مهمة أوى
قال بتثاقل وهو ينهض من فراشه
طب مش تقولى صباح الخير يا حبيبى الأول
قالت بصوت مرتجف
أرجوك يا علاء مش وقته انا محتجالك
أنتبه وهو يجلس على فراشه وقال
خير يا مهرة عاوزه أيه محتاجه فلوس ولا حاجة
قالت بصوت باكى
فارس جارنا أمن الدولة خدوه ومش عارفين نلاقيه بيقولوا معتقل بس
فين مش عارفين وانت أكيد ليك اصحاب كتير معروفين ورجال أعمال ممكن يعرفولنا طريقه
هتف بها حانقا
مش فارس ده اللى ضربنى
بكت بشدة وأخذت تشهق وترجوه بمرارة أن يصفح عنه ولكنه قال بتشفى
أحسن خإليه يتبهدل ولا ېقتلوه ويرحونا منه ربنا خادلى حقى
شهقت بشدة وأخذ صدرها يعلو ويهبط وهى تبكى وتقول
أرجوك يا علاء علشان خاطر ربنا أعمل كده لوجه الله طيب طيب علشان خاطر امه المسكينة
صاح بها وهو ينهى المكالمة
بقولك أيه يا مهرة بلا امه بلا ابوه أنا راجل نجم عاوزه حد يعرف انى اعرف واحد معتقل عاوزه تضيعى مستقبلى
واغلق الهاتف بقوة وهو يزفر بقوة بينما سقط منها الهاتف وسقطت على الأرض من شدة البكاء ثم سجدت وهى تقول بنحيب
يارب مالناش غيرك يارب نجيه ده عمره ما أذى حد يارب
طرق صلاح باب حجرة مكتب إلهام ودخل وقد بدا القلق على محياه فاعتدلت وقالت بسرعة
ها يا صلاح وصلتوا لحاجة عرفتوا عمرو مبيجيش ليه
أومأ برأسه وقد ارتسم الحزن على قسمات وجهه وقال
أتقبض عليه من يومين خدوه الفجر من بيته
هبت واقفة وقالت بفزع
مين دول اللى خدوه وليه
رفع كتفيه باسى وقال بحيرة
مش عارف يا بشمهندسة بس طريقة القبض عليه دى بتقول انهم مش مباحث عادية شكلهم كده أمن دولة
هوت إلى مقعدها وارتجف قلبها بين أضلعها واتسعت عيناها وهى تفكر وفجاة تناولت سماعة الهاتف وضغطت عدة أرقام ثم قالت بسرعة لمديرة المكتب
وصلينى بالباشا حالا
عالم السجون إنه عالم إختلفت فيه المعايير وتغيرت المقاييس لم يعد السچن هو مصير دفع ثلاثتهم بقوة داخل العنبر وأغلق الباب الحديدى خلفهم ليصدر صريرا مزعجا أيقظ على أثره النيام داخل العنبر وقف ثلاثتهم ينظرون إلى بعضهم البعض وأعينهم تفيض
بسؤال واحد فقط وماذا بعد وقعت أعينهم على رجل ملتحف ببطانية سوداء فى أحد الاركان على أرض العنبر فاقترب بلال منه بقلب مقبوض وكأنه يشعر لماذا هذا الجسد قد سجى هكذا وقبل أن يلمسه هتف أحد الرجال الآخرين من زملاء العنبر
سيبوا ده مېت
أصابتهم غصة فى حلوقهم وهم يتبادلون النظرات أنحنى بلال لينظر فى وجهه فوجد ما كان يعتقده شاب صغير فى السن له لحية صغيرة واضح عليه اثار الټعذيب بشدة أغمض بلال عينيه پألم وهو يقول
إنا لله وإنا إليه راجعون
غادر أربعة مسجونين سرائرهم واقتربوا منهم متسائلين
أنتوا جايين فى ايه مفيش مظاهرات الأيام دى
قال الرجل الاخر
بس حظكوا حلو والله أنكوا جايين فى الوقت ده لو كنتوا جيتوا الصبح كنتوا حضرتوا حفلة الاستقبال
عقد فارس بين حاجبيه وقال
حفلة استقبال أيه
قال الرجل
حفلة الاستقبال دى يا سيدى بيستقبلوا بيها كل عربية ترحيلات بتوصل السچن بالكلاب البوليسية وانت وحظك وبعد ما تنزل وانت بتجرى من الكلاب قبل ما تتعض يستقبلوك العساكر بالعصاية الكهربا والكرابيج ساعة ساعتين لحد ما كله يقع على الارض ويستسلم للضړب بعدها بقى يوزعوهم على العنابر دى بقى حفلة الاستقبال
أومأ بلال برأسه وهو يربط على كتفهم مطمئنا ونظر لهم نظرات مطمئنة أنهم قد عبروا تلك المرحلة بأمان فمن الواضح أن صديق فارس كان يعلم هذا أيضا لذلك أمر بترحيلهم فى هذا الوقت من الليل شعر فارس بغصة فى قلبة وهو يرى بلاده لأول مرة بصورة حقيقية غير التى كان يراها فى الخارج فى خارج ذلك العالم عالم السجون والمعتقلات أخذهم
زملاء العنبر إلى أفرشتهم كل واحد منهم على سرير صغير عليه بطانية خشنة
جلس عمرو على طرف فراشه مشدوها لما رأى فى تلك الأيام أولا فى أمن الدولة وثانيا هنا فى السچن وقال پغضب وعصبية موجها كلامه لفارس
وبعدين يا فارس هنفضل كده لحد أمتى حتى منعرفش تهمتنا ايه
جلس أحد الرجال على السرير بجواره قائلا
لا لازم تهدى وطى صوتك اللى بيعلى صوته هنا بيتسحب على عنبر التأديب
ألتفت عمرو إليه وحدق به قائلا
ايه عنبر التأديب ده كمان
أبتسم الرجل وقال
اه معلش كان المفروض أشرحلكم من الاول النظام هنا السچن متقسم كذا عنبر عنبر التأديب وده متقسم زنازين صغيره مترين فى مترين وده بيبقى أنفرادى
وعنبر الجنائى ودول بقى تجار المخډرات وقتالين القټله وغيرهم وعنبر التخابر وده بقى