الأربعاء 08 يناير 2025

رواية منال كاملة

انت في الصفحة 10 من 35 صفحات

موقع أيام نيوز

يحتك بأي من السيارتين اللاتين تحاصران خاصته من المقدمة بدا ذلك عسيرا عليه فالضرر حتما سيقع وإذ ربما قد ينبعج الصاج المعدني زفر في يأس ثم أشار بيده لكلتيهما آمرا
خليكوا أعدين في العربية بدل ما تفضلوا واقفين في الشمس 
استجابت الاثنتان له وبقيتا بداخل السيارة لوقت ظل ممتدا لما يقرب من النصف ساعة على ما يبدو ضجر سليمان من الانتظار السخيف فسار نحو الأمام دون أن يخبرهما أي شيء لهذا تساءلت بسنت مستوضحة من رفيقتها
هو عمك رايح فين كده
أجابتها بهاء بغير اهتمام وهي تغوص أكثر في مقعدها لتغفو
مش عارفة جايز شاف حد يعرفه 
عندما ابتعد قليلا عن ابنة شقيقه وصديقتها تمكن من رؤية الحشد الغفير المرابط حول بوابة إحدى المقاپر العائلية بالصدفة تقابل مع من كانوا رفاقه قديما فتبادل معهم التحية بوقار ليجمعه القدر بعدئذ بابن صديقه الراحل سحبه بعيدا عن الزحام ليتمكن من الحديث إليه في محبة وألفة استمر سليمان في مصافحة ذلك الشاب الفتي بحرارة وهو يتحدث إليه بأسلوب لطيف
ولو إن الظرف مش مناسب بس أنا مبسوط إني قابلتك يا عامر ده إنت الغالي ابن الغالي 
كان الأخير على نفس الدرجة من السرور لرؤيته وعبر عن ذلك حين أخبره بصدق
ده الشرف ليا يا عم سليمان ده أنا كأني شوفت أبويا الله يرحمه 
ثم أشار بيده الأخرى نحو شقيقه الأصغر معرفا به
فاكر عمر أخويا أكيد شكله اتغير عن زمان 
نظر سليمان ناحيته في إعجاب قبل أن يقول وهو يمرر يده لمصافحته
ما شاء الله كبر آخر مرة قابلته كان تقريبا لسه في الكلية 
ابتسم عمر في تهذيب وخاطبه
أنا خلصتها من زمان وشغال دلوقتي 
لتقضي على شعورها بالملل الذي راح يستحوذ عليها من الانتظار غير المجدي كانت بسنت تعبث بهاتفها المحمول لبعض الوقت تتابع ما ينشره الآخرين من أخبار ما بين جادة ومازحة ومن ثم أغلقته ووضعته بحقيبتها لتطوف بحدقتيها على ما حولها لكن ما لبث أن غطى وجهها نظرة عظيمة مصډومة حينما أبصرت مصادفة عم رفيقتها يتحدث إلى ذلك الشاب الذي تعرفه جيدا رمشت بعينيها لتتأكد أنها لا تتوهم ما تراه تدلى فكها للأسفل وراحت تهز رفيقتها الغافلة لتخبرها بصوت خفيض مضطرب
إلحقي يا بيبو مش هتصدقي مين واقف مع عمك 
بدا صوت بهاء ناعسا إلى حد ما وهي تسألها
في إيه
عمر الناغي!
بمجرد أن سمعتها تتلفظ باسمه انتفضت قائمة كأن أحدهم صعقها بتيار كهربي حملقت نجو الجانب بعينين متسعتين وهتفت
في صدمة كبيرة
بتقولي مين !!
يتبع الفصل الخامس
الفصل الخامس
وكأن كسوفا كليا للشمس قد حدث لتوه فأحال السماء المضيئة إلى ليل حالك فحضور ذلك الشخص المزعج وحديثه بأريحية أقلقها وجعل الأفكار تتصارع في رأسها المشحون توترت بهاء وارتاعت بسنت وراحت الاثنتان تحملقان بأعين متسعة في وجه عمر المسترخي تماما لم تجرؤ أيا منهما على النطق بكلمة فساد صمت مخيف في الأجواء تتخلله الهمهمات غير الواضحة بين الثلاثة أشخاص 
بدا صوت بسنت مرتعشا وهي تهمس بالقرب من أذن رفيقتها
تفتكري بيقولوا إيه
ردت عليها بهاء في صوت خفيض ممزوج بالقلق
مش عارفة بس قلبي مش مرتاح 
عبرت الأولى عن مخاوفها قائلة پذعر احتل كامل تقاسيم وجهها
ولا أنا واحتمال يكونوا بيتكلموا عننا وبيحكي عن اللي حصل وآ 
مالت بهاء برقبتها للجانب قليلا حتى تتمكن من الحصول على زاوية رؤية جيدة بدا من موضعها أنه غير قادر على رؤيتها فاستراحت إلى حد ما وتراجعت إلى مكانها هاتفة في صوت خفيض
هو شكله مش شايفنا أصلا!
أراح صديقتها هذا الاعتقاد المؤقت وأمنت عليها
يا ريت بجد 
ظللت كلتاهما محاصرتان في موجة من الأفكار المضطربة وتأملان في أعماقهما أن ينقضي هذا اللقاء سريعا دون أن يدري هو تحديدا بوجودهما 
رغم ارتفاع درجة حرارة الجو نسبيا إلا أنها لا تقارن أبد بحرارة المشاعر الصادقة المتبادلة بينهم فما أجمل استعادة ذكرى الأحباب الراحلين بالالتقاء بمن يعيد إحياء ما فقد وتناسى عبر السنوات باهتمام واضح تساءل سليمان وهو يمسح بمنديله القماشي العرق الذي راح يتجمع عند جبينه
والست الوالدة كويسة
أجابه عامر باسما
الحمدلله هي بخير 
رد عليه في نبرة تقدير
دايما يا رب هي من خيرة الناس والله 
شكره على لباقته مرددا
تسلم يا عم سليمان 
استطرد متحدثا بحماس ظاهر
صحيح نسيت أعرفكم ببنت أخويا حاجة من تربية زمان 
ثم استدار برأسه نحو سيارته مناديا
تعالي يا بيبو 
نفضة قوية جعلت بهاء تقفز في مقعدها عندما ناداها عمها فجأة وأخذت تهسهس
استر يا رب 
أحست بدفقة من الخۏف تتفشى في كامل بدنها بسرعة البرق بالطبع كانت بسنت أشد رهبة منها وتشبثت في ذراعها أكثر وسألتها بصوت فزع للغاية
هنعمل إيه دلوقت
ابتلعت ريقا غير موجود في جوفها وأخبرتها
هننزل طبعا هو احنا عندنا حل تاني 
التلكؤ أو المماطلة لن يجدي نفعا فالأمر محسوم مقدما وعليها الترجل من السيارة ومواجهته حاولت بهاء أن تخفي اضطرابها ورغم هذا عكس وجهها ارتباكها تصنعت الابتسام فخرجت بسمتها مهتزة وسارت تجاه عمها بخطوات شبه بطيئة ومن خلفها تحركت رفيقتها المڤزوعة وهي لا تتوقف عن الدعاء 
استجمعت بهاء جأشها وأصبحت مرئية للثلاثة رجال لكنها افتقرت للشجاعة لتنظر إليهم لهذا طأطأت رأسها قليلا لتتحاشى النظرات المسلطة عليها وتكلمت في صوت مطيع
أيوه يا عمي 
حاډثها سليمان في نبرة مبتهجة
تعالي يا بيبو سلمي على المقدم عامر والرائد عمر 
تلقائيا رفعت بصرها للأعلى لتنظر صوبهما فزاد خفقان قلبها وتوترها مع رؤيتها لنظرة عمر مثبتة عليها في التو أبعدت عينيها المرتبكتين عنها وركزت بصرها على عامر الذي وجدته يمد ذراعه لمصافحتها بادلته المصافحة مرددة بأدب
أهلا وسهلا بحضرتك 
في التو غازلها عامر بمرح وهو يغمز بطرف عينه
معقولة عندك الجمال ده ومخبيه عننا 
على الجانب الآخر بدا عمر متفاجئا لرؤيتها لكن ما لبث أن أخفى اندهاشه ليظهر تعبيرا جديا على ملامحه وبطريقة رسمية بادر بتحيتها
إزيك يا أستاذة بهاء
ذهلت من إخبار الجميع بطريقة مبطنة أنه على صلة بها مما ضاعف من ربكتها وتوترها طافت بنظرة مماثلة لارتباكها على من حولها قبل أن تقول بتذبذب
آ الحمد لله 
انتصب عمر في وقفته الشامخة أكثر وقال موجها كلامه إلى من تتوارى خلفها عن الأنظار
مش اسمك بسنت برضوه
لم تجرؤ على النظر إليه وردت بصوت مرتعش
أيوه ده اسمي 
في استغراب مشوب بالحيرة تساءل عامر وهو يتطلع إلى شقيقه
هو إنت تعرفهم ولا إيه
بنبرة متغطرسة أجابه
أيوه أنا اللي بدرسلهم في الأكاديمية 
ضحك في مرح قبل أن يعلق
ياه شوف الدنيا صغيرة إزاي!
أدارت بهاء عنقها ناحيتها لترد عليها بصوت خاڤت
اهدي بدل ما نتفضح 
تحولت كافة الأنظار تجاه سليمان عندما استطرد في شيء من المدح
والله بنت أخويا محظوظة إنها عندك هي ملتزمة وبتحب الكتب والدراسة أد عينيها 
رفعت بهاء حاجبيها للأعلى في صدمة فما يفوه به عمها يناقض كليا تصرفاتها الفظة
معه عفويا نظرت نحو عمر الذي حملق فيها بنظرة مستخفة مصحوبة بتعقيبه شبه الساخر
واضح فعلا 
تجنبت نظراته التي تحاصرها وأحنت رأسها على صدرها بينما تحدث عامر بأسلوبه المرح مشددا على شقيقه 
مش هوصيك على القمرات دول اعتبره أمر مباشر مني يا عمر 
قال دون أن يحيد بنظرته الثاقبة عن بهاء
ربنا يسهل 
عظمت ربكة بهاء خاصة مع طريقة تحديقه الغامضة فتعجلت قائلة بما يؤكد هروبها
هستناك يا عمو في العربية لحد ما تخلص 
ضحك عامر على طريقتها الخرقاء في المغادرة ومازح شقيقه وهو يلكزه في جانب ذراعه
لأ وخجولة واخد بالك 
لوى عمر ثغره متمتما بغير اقتناع وعيناه محدقتان في أثر طيفها الذي رحل
جدا!
تشاور سليمان مع الشابين حول إمكانية تحريك السيارة من المسافة الضيقة المتروكة له دون أن يلحق الضرر بالسيارات الأخرى فاقترح عمر عليه طريقة معينة لإزاحتها لكنه كان مترددا في تجربة الأمر لهذا تولى الأخير عنه هذه التجربة  
في تلك الأثناء كانت بهاء قد تجرعت نصف زجاجة المياه على مرة واحدة ابتلعت ما ملأ جوفها لتستدير نحو رفيقتها الغارقة في ذهولها المړتعب وخاطبتها في صوت مرتجف
أنا مش مصدقة اللي حصل 
ردت عليها بسنت بوجه مخطۏف اللون
أنا حاسة إن هيغمى عليا قلبي هيقف مش قادرة خالص 
أضافت في توتر
احنا ولا كأننا في فيلم ړعب وآ 
اختنقت باقي الكلمات في جوفها بغتة عندما وجدت عمر يفتح الباب الآخر للسيارة ليجاورها ويجلس خلف عجلة المقود اتسعت عيناها بشدة وتجمدت في مكانها كالصنم فقد شلت المفاجأة تفكيرها وجعلتها متخشبة في موضعها ما زاد من هول الصدمة عليها أنه لم يكلف نفسه عناء تبرير سبب وجوده أو حتى توضيح ما يفعله بجوارها رأته يمد يده ويدير المحرك ليشرأب 
بهر نظرها أنه كان واثقا من قدراته العقلية ومهاراته الفذة لم يهتز له جفن ولم يبد مترددا بل كان في أوج ثباته وهدوئه تعامل مع هذه المسألة التي تعد عسيرة على غيره بمنتهى السلاسة والتريث أحست بهاء بهذه الخفقة الغريبة تعصف بقلبها وهي تجلس على مسافة قريبة منه لم تستطع إبعاد عينيها الفضوليتين عنه وراحت تتأمله بنظرة إعجاب ظاهرة وڤاضحة في حدقتيها ما إن تمكن من إبعاد السيارة حتى منحها نظرة صارمة من عينيه جعلت بشرتها
كده تمام ولا تحب أوصلكم لحد البوابة
أخبره سليمان في امتنان شاكر
كتر خيرك يا ابني والله ما عارف من غيرك كنا طلعنا من المغرز ده إزاي 
ربت على جانب ذراعه في محبة قائلا
تحت أمرك يا عم سليمان 
جاء رده ودودا للغاية
الله يكرمك ويوفقك دايما 
هم عمر بالتحرك وسليمان يتابع الحديث إليه 
ومش هوصيك على البنات 
ثم رفع من نبرته ليحادثها على وجه الخصوص
مستنيكي في التدريب 
ابن حلال مصفي 
ردت عليه بهاء بتعابير تبدلت للانزعاج
أوي أوي 
اندفعت بسنت للأمام قليلا لتهمس إلى رفيقتها في تساؤل قلق
احنا كده روحنا في داهية
أجابتها في توجس مماثل لها
لأ الداهية هي اللي جت لحد عندنا!
لاحقا وحينما عادت إلى بنايتها مكثت بهاء لدى زوجة عمها معظم اليوم ريثما ينتهي العمال من تركيب الباب الحديدي الذي أصر عمها على وجوده لزيادة حمايتها أثناء فترات غيابه عن البيت كما انشغلت أيضا بمساعدة زوجته في إعداد ملفوف الكرنب وبعض الأطعمة الشهية ولأكثر من مرة حاولت فادية إرشادها ليبدو الملفوف متناسقا لكنه كانت لا تجيد لفه ففقدت الشغف في عمله واتجهت لتقطيع البطاطس  
استطردت زوجة عمها تسألها في مكر كاستهلال مسبق لما تريد البوح به
مافيش حد كده ولا كده شاغل بالك
قطبت جبينها متسائلة بشيء من الاستغراب
تقصدي مين
ابتسمت في صفاء وهي تسهب في التوضيح لها
شاب تكوني اتعرفتي عليه نفسي أفرح بيكي أوي
تجهمت تعبيراتها نسبيا وقالت وهي تتجه للحوض لتغسل الأطباق المتسخة
لأ
10  11 

انت في الصفحة 10 من 35 صفحات