روايه حزينه الفصول من السابع وعشرون ل الثاني والثلاثون بقلم الكاتبة الجليله
مواسية
الله يرحمها
شعور غريب بالإرتياح تسلل رويدا رويدا إليها .. رغم كونها لا تعرفها لكنها كانت كالبلسم المسكن للآلام ..
_ اد ظهور التجاعيد في وجه تلك العجوز عندما اختفت بسمتها وحل العبوس محل البشاشة فأطرقت رأسها بحزن شديد ثم هتفت والوميض قد أخذ طريقه لعينيها
الله يرحمها انا عايزة أقولك أننا مش عايشين على طول .. امبارح عدا وفات والنهاردة مش عارفين نهايته إيه وبكرة ده مش بتاعنا احنا ضيوف على الأرض يابنتي
بس انا تعبت عمري ما فرحت بجد من قلبي .. مش طالبه حاجة غير الفرحة في ناس كتير أوي فرحانين .. اشمعنا أنا بيحصل معايا كده ليه !!!!
هزت السيدة رأسها نافية وهي تضغط على ساعدها ثم نطقت ومازالت البسمة مرتسمة على وجنتيها
أرادت تلك السيدة أن تدعم حديثها وتؤكده فقررت أن تفصح عن مصيبتها وبلائها العظيم .. گدليل منها لإثبات المقولة التي تحمل معنى من رأى بلاء غيره تهون عليه بلواه .. فقالت والحزن يخيم على صوتها
شهقت إيثار بصوت مكتوم وابتلعت ما تبقى من ريقها الذي جف بصعوبة ثم تساءلت بإهتمام وقد سيطر على وجهها علامات الخۏف
آآ.. أزاي
أجابتها السيدة وقد تعلق بصرها بالسماء التي كانت ملبدة بالغيوم والسحب
حكمة ربنا كده وأنا راضية ابني سافر عشان يقضي الأجازة مع أخته بره مصر .. وقدر يقنعها تنزل مصر هي وابنها وجوزها في أجازة !
في اليوم ده الطيارة وقعت بيهم كلهم .. وخسړت بنتي وابني وحفيدي اللي مشوفتوش !
شحب وجهها وانخفضت نبرة صوتها لتصبح أكثر شجنا
راح مني كل اللي بحبهم في يوم واحد ..ومقولتش غير الحمد لله رب العالمين وهما أكيد في مكان أجمل من دنيتنا دي !
رغما عنها بكت إيثار متأثرة .. يا الله كم عانت تلك السيدة من فراق أحبابها .. من مۏت أخذ بغتة الأقرب إليها وأنا هنا أبكي على حب مضى وانتهى
مسحت عبراتها بكفها وشردت أمامها تفكر في مصېبة تلك السيدة .. أي شيء يمكن أن يقارن بخسارة الأبناء والأحفاد أي قدرة عظيمة جعلت تلك السيدة تتحمل فراقهم المؤسف بتلك الشجاعة العجيبة ..
إنها تعاني من فاجعة أشد وأقوى من مصيبتها التي لا تذكر .. توقف سيل عبراتها وأخذت تفكر بشكل آخر ..
فهمتي يابنتي مفيش حاجة تستاهل وكلنا ماشيين في يوم
حركت إيثار رأسها بتفهم وقد شعرت بالحنين لذلك الذي توارى أسفل التراب أبيها الراحل .. ذاك الذي قضت سنواتها الأخيرة بعيدة عنه تبغضه لفعلته في حقها وهو لم يكن يسعى سوى لراحتها وسعادتها .. حتى وإن كانت طريقته خاطئة ..
تنهدت بعمق وفجأة...
دوى صوت الرعد في المكان وظهرت الخيوط الضوئية البراقة البرق في السماء وبدأت السماء تهطل كما غزيرا من الأمطار ..
ارتجفت إيثار قليلا ورفعت وجهها للأعلى وهي تطبق على جفنيها لتترك العنان لتلك القطرات الباردة لتهديء من سخونة وجهها وتمسح بقايا الدموع عنها ..
تناجت مع الله بقلبها ودعته أن يدخل السرور على تلك العجوز التي أزاحت ثقلا عنها .. ثم تمنت منه بتضرع أن يقر عينيها بفرحة تدمع لأجلها فإنها بحاجة ماسة لها .
ظل يجوب غرفته ذهابا وإيابا يفكر في حل سريع ومرضي للوصول إليها ولكنه لم يتمكن فقد عجز عن ذلك بسبب فرط خوفه وتوتره .. بالطبع وكيف يصل لها وقد أغلقت هاتفها نهائيا وامتنعت عن الظهور ولم يعد هناك أي وسيلة متاحة للتواصل بينهما ...
ألقى بجسده المنهك على الفراش ثم انحنى بجزعه للأمام ليستند بساعديه على ركبتيه ..
ازدادت حمرة وجهه واحتقانه وهو يتذكر صدى عباراتها في أذنيه من جديد لقد خسړت جنينها الذي لم يولد وتم التعامل معها من قبل زوجها بشكل غير آدمي قضى على أنوثتها النقية ...
زاد حنقه وبرزت عيناه پغضب ..
فرك وجهه بعصبية وردد مع نفسه إن كان هو قد