السبت 23 نوفمبر 2024

رواية نوفيلا الفصول من الاول للرابع

انت في الصفحة 3 من 15 صفحات

موقع أيام نيوز

ليظل المنزل خاليا إلا من كلتيهما.
بدأت نسرين في تصفح حسابها على الفيسبوك رغم إنه لا يحتوي على أي من الأصدقاء أو أفراد العائلة بعدما ضاقت ذرعا بسمات التباهي الزائفة على حساباتهم لذلك فقد صنعت حسابا آخر لا يوجد به أحدا تكتفي فقط بمتابعة اهتماماتها في صمت.
انتفضت ما أن دلفت والدتها إلى الغرفة دون أي مقدمات رغم نظرات عدم الرضى المعتادة إلا إن نسرين كانت مازالت تتأثر بها و تثير حزنها و حنقها.
صاحت بحنق
أنت هتفضلي قاعدالي كده قومي يلا نضفي الشقة معايا.
نهضت في استسلام تام فهي تدرك إن أي اعتراض لن يزيد والدتها إلا اشتعالا و ڠضبا و سوف تكون هي الوحيدة التي تحترق في نيران ڠضبها.
بدأت رحلة التنظيف اليومية متعبة للغاية و مع الوقت أصبحت هيئتها مزرية أكثر من المعتاد فتصببت عرقا و تلطخت وجنتيها ببعض الأتربة و لم تحاول والدتها أن تمد لها أيدي المساعدة فقط تكتفي بتوبيخها بين الحين و الآخر صائحة بإنها غير صالحة لفعل أي شيء.
توقفت عما تفعله عندما ارتفع رنين مألوف بالنسبة إليها كان ذهولها بالغا عندما جففت يديها بالمنشفة و اسرعت إلى غرفتها لتتيقن من أن هاتفها الصامت دائما قد رن معلنا اتصال من أحدى زميلاتها في الكلية و التي تفرقت طرقهما منذ أن تخرجتا.
تلقت المكالمة و مازالت الدهشة واضحة على معالم وجهها ليرتفع صوت هدى قائلة
نسرين! أنا هدى عامله إيه
ردت ببهجة بالغة و قد طمعت في تجديد تلك العلاقة التي غطاها التراب منذ زمن
أنا الحمدلله يا هدى أنتي عامله إيه وحشتيني أوي بقالي كتير مشوفتكيش.
ردت هدى بنبرة عادية 
أنا بتصل اعزمك على فرحي النهاردة لازم تيجي.
اتسعت ابتسامة نسرين و صاحت بسعادة
بجد! ألف مبروك يا حبيبتي.
لم تلاحظ نبرة هدى الفاترة عندما تسائلت ببرود
هتيجي!
ترددت قليلا ففكرة مواجهة الناس تخيفها للغاية خاصة مع التغيرات الجسدية التي اصابتها منذ تخرجها و التي ايقنت إنها السبب في عدم حصولها على أي وظيفة حتى الآن.
ردت سريعا قبل أن تسمح لعقلها في أن يتعمق في تفاصيل و ذكريات غير مرغوبة و لن تتسب إلا في حزنها
هاجي إن شاء الله.
كويس! هبعتلك المكان في رسالة..سلام
انتهت المكالمة لتظل واقفة في مكانها ټلعن تسرعها لا تصدق إنها قد اقدمت على مثل تلك المخاطرة حاولت أن تهون الأمر على نفسها بإنه مجرد حفل زفاف و ليس نهاية العالم رغم إنها تدرك إن مخاطرة التعرض لنظرات الجميع الساخرة و المشمئزة من هيئتها قد تدفعها حقا إلى نهاية عالمها البسيط.
تنفست بعمق ثم فتحت خزانتها تتفحص محتوياتها لعلها تنشغل عن تلك المخاۏف و الأفكار السيئة التي تحوم في عقلها.
برقت عيناها بحنين عندما وقع نظرها على ثوب سهرة أخضر اللون و قد كانت ابتاعته في نزوة ما و لكن رؤيته مازالت تسعدها و كأنها تلتقي بصديق قديم رغم إن تلك السعادة ممتزجة بلدغة من الألم لإنه يذكرها بالشكل و الهيئة التي لن تحصل عليهما أبدا.
أخرجته من الخزانة و بدون وعي بدأت في تبديل ثيابها ترغب في رؤيته و لو لمرة واحدة على جسدها.
بعد دقائق من الصراع حتى استطاعت دس نفسها بداخله تأملت نفسها في المرآة بسعادة رغم إنه لم يكن شديد الجمال كما قد يكون على فتيات أقل وژنا منها لكن كونها ترتديه ابهجها كثيرا لتقرر أن تذهب به إلى الحفل.
عادت إلى التنظيف مرة أخرى بعدما أعادته إلى خزانتها بكل عناية.
بعد الانتهاء من رحلة التنظيف حان أصعب اللحظات بعد ذهابها للحفل و هي اخبار والدتها بالأمر فهي تخشى سخريتها التي قد ټحطم نبتة الثقة بالنفس التي اوجدتها.
دقت على باب غرفة النوم حيث تجلس والدتها ثم دلفت بخطوات بطيئة رمقتها والدتها بتساؤل ليزداد ارتباكها و بعد برهة من الصمت الطويل قالت بتردد
واحده صاحبتي عزمتني على فرحها..ممكن اروح
قالت الأم بلامبالاة 
اعملي اللي انت عايزاه بس أنا مش هنزل اجيبلك هدوم.
استطردت بضيق
الناس بتاكل وشي لمه بتشوفك جنبي.
عضت على شفتيها قهرا و غادرت الغرفة في صمت و ما أن أصبحت خارجها حتى انهمرت عبراتها و اسرعت إلى غرفتها تجلس فوق الفراش محتضنة وسادتها لتكتم صوت نحيبها الذي ارتفع.
بعد سويعات من البكاء نهضت بأرجل مرتجفة

انت في الصفحة 3 من 15 صفحات