السبت 23 نوفمبر 2024

رواية ميرا الفصول من سبعة عشر لتسعة عشر

انت في الصفحة 1 من 19 صفحات

موقع أيام نيوز

السابع عشر
لم أحبك يوما لأن أيامي تجري بشكل جيد أو لأن في حياتي فراغا بشكل أو بآخر. أحببتك بأكثر أيامي إحباطا أحببتك بمنتصف يأسي وفي إزدحام يومي ومن بين جميع أفكار عقلي..كنت أنت دائما حيلتي الوحيدة التي أتمسك بها لأنجو من هلاك أفكاري.
ودعته بنظرات تفيض بمكنون قلبها لعله يشعر بها ويشاركها إياها ولكنه كان ثابت بشكل حقا احبطها وجعلها تظن كونه متلبد المشاعر غافلة أنه يجاهد ذاته من أجلها

فكانت تسير بخطوات بطيئة وهي ساهمة تستعيد تلك اللحظات الرائعة التي كانت بها برفقته داخل رأسها لولآ صوت أبيها الذي أجفلها 
كل ده تأخير يا بنتي 
أنتبهت لحديثه ونظرت لموقع جلسته على ذلك المقعد الوثير بزوايا الردهة وردت بنبرة آسفة وهي تسير نحوه 
اسفة يا بابي الوقت عدى بسرعة ومحستش بيه
تنهد فاضل وقال بحنو 
هدومك مبلولة من المطر طبعا مش هتبطلي بقى العادة الغريبة دي أنت خلاص كبرتي
نفت برأسها بمشاكسة وجلست على أحد المقاعد بجواره قائلة 
لأ أنا مش هكبر ابدا 
قهقه فاضل وشاكسها 
ازاي بقى ده انت بقيتي عروسة وبعدين افرضي اتجوزتي جوزك يقول ايه جوزناه عيله
رفعت ميرال منكبيها وأخبرته بنفس النبرة المشاكسة التي جعلت أبيها يشعر بالسعادة كونها استعادت بسمتها ومشاكستها من جديد 
طب لعلمك بقى يا سي بابي أنا مش هتجوز غير راجل بجد يعرف يحتويني بكل حالاتي ويشاركني فيها كمان أصل انا مش عايزة راجل ينتقدني ويقلل من أي حاجة بعملها بالعكس عيزاه يبقى فخور بيا و بأتفه انجازاتي

لتتنهد تنهيدة حالمة وهي تتذكر ذلك المتلبد صاحب البندقيتان وتضيف 
والاهم من كل ده يكون بيحبني

ربت فاضل على كتفها وقال بحنو شديد داعيا 
ربنا يصلح حالك يا بنتي و يكرمك بالزوج الصالح... عارفة يا ميرال أنا نفسي اشوفك مبسوطة وعندي أستعداد اعمل علشانك أي حاجة في الدنيا بس أشوف ضحكتك دي على طول
اتسعت بسمتها وقالت  
ربنا يخليك ليا يا بابي وميحرمنيش منك
ده ايه الحب ده كله
قالتها دعاء متهكمة وهي تنضم لهم لتخبو بسمة ميرال وتقول ا 
تصبح على خير يا بابي
احتدت نبرة دعاء وقالت متهكمة من تجاهلها لها في الآونة الأخيرة 
إذا جاءت الملائكة فرت الشياطين ولا ايه يا ميرال...
حانت من ميرال بسمة ساخرة وأخبرتها وهي تتخطاها كي تصعد لغرفتها 
لو تقصدي نفسك بالشياطين فعندك حق ...تصبحي على خير
نظرت دعاء لآثارها بغيظ وقالت بحدة لزوجها 
عجبك كده ... خليك مدلعها ومقويها

هز فاضل رأسه بعدم رضا وأخبرها بدفاع قوي نابع من عاطفته الأبوية 
دي بنتي الوحيدة اللي طلعت بيها من الدنيا يا دعاء ومعنديش أغلى منها علشان ادلعه 
يوووه بقى... ما أنا كان نفسي اجبلك بيبي و اتحايلت عليك ألف مرة نروح للدكتور سوا نعرف المشكلة فين وانت اللي مش راضي
أغمض فاضل عينه بإنفعال من إصرارها المقيت التي لا تكف عنه وقال بحدة قبل أن ينسحب هو أيضا ويصعد لغرفته 
احنا اتكلمنا كتير في الموضوع واخدنا في قرار نهائي واظن ان ده كان واحد من شروطي قبل الجواز وانت وافقتي عليه ياريت بقى تقفلي السيرة دي ومتتكلميش فيها تاني
دبت الأرض بقدميها وزفرت بقوة وهي تنظر لظهره وهو يبتعد عنها فرغم أنها تملك سلطة عليه و تتمكن بسهولة من إقناعه بأي شيء إلا أن ذلك الأمر فشلت به فشل ذريع فكلما تطرقت لهذا الأمر يرفض رفض قاطع دون سبب مقنع بالنسبة لها و رغم عطائه السخي معها إلا أن هيأ لها شيطانها أن تطمع في المزيد لتهمس بعيون تلمع بوميض الخبث 
مش هيأس يا فاضل ومش هخلي بنتك تكوش على كل ده لوحدها
أما عن صاحب القلب الثائر التي أنهكته تلك المتمردة فقد كان يسير بها إلى تلك الاريكة القريبة كي يضعها عليها بشكل مؤقت لحين استبدال ملابسها تحسبا لعدم بل الفراش وقبل أن يضعها قال بأهتمام 
هنادي ماما تساعدك
نفت برأسها التي بوهن وبعيون مغلقة وهي تتشبث به أكثر دليل على رفضها مما جعله
يتنهد بعمق ويقول وهو يجلسها برفق  
أنا مش هعرف اتصرف
نفت هي مرة أخرى وكادت تجهش بالبكاء وتزوم بطريقة جعلته يشعر بالضيق من تيبس رأسها فما كان منه غير أن ينسل من بين يدها ويذهب كي يحضر ملابس جافة لها وقبل أن يباشر بالأمر أغلق إضاءة الغرفة كي لا يشعرها بالحرج فيما بعد ولكن كان الأمر ليس بيسير عليه مطلقا فنعم العتمة كانت تخيم على الغرفة وتحجب رؤيته ولكن ماذا عن شعوره 
هغير هدومي علشان اتبلت وارجعلك

افلتت يده وهزت رأسها بحركة ضعيفة واغلقت عيناها وغفت من شدة وهنها بينما هو تنهد تنهيدة مثقلة بالكثير وغادر إلى غرفته كي يبدل ثيابه وحين عاد لغرفتها من جديد و جد والدته تجلس بجوارها وهي تتمتم بالدعاء لها بصدق نابع من صميم قلبها تحمحم هو وأخبرها بهدوء
 

انت في الصفحة 1 من 19 صفحات