الأربعاء 27 نوفمبر 2024

رواية ندي الفصول الاخيرة

انت في الصفحة 49 من 74 صفحات

موقع أيام نيوز

.. أغلبهم بطنهم مرتفعة وبجوارهم ازواجهم يتحدثون معهم إما بمرح وضحك أو بجدية والبعض الآخر منهم يجلسون مع أزواجهم بصمت تام ويبدو الفتور على الرجال وكأنهم مجبورين على تلك الزيارة الطبية مع زوجاتهم .
عيناها وقعت بتلقائية على ثنائي يجلسون على مقعدين منعزلين .. فرأت الزوج يحمل ابنته فوق فخذيه ويداعبها ويشاكسها بمرح وحب وبجانبه زوجته تتابعهم مبتسمة بحنو وتضع يدها فوق بطنها المرتفعة تتحسسها بلطف وهو بين آن والآخر
يطالع زوجته بدفء باسما وتارة يتبادل معها أطراف الحديث بضحك ومرح .. لا تعرف لماذا رأت هذا الثنائي يشبهم تماما بكل شيء ولذلك ظلت تتابعهم بشرود مبتسمة بحنو حتى صك سمعها صوت غليظ تعرفه جيدا وهو يهتف بعد أن جذب مقعد وجلس بجوارها 
_ دورك لسا مجاش 
التفتت برأسها له مذهولة وسألت 
_ عدنان !! .. عرفت إزاي إني رايحة للدكتورة 
عدنان بضيق ملحوظ 
_ كان المفروض إنك انتي تقوليلي مش تسأليني عرفت إزاي 
جلنار بخفوت وصوت قوي دون أن تنظر له 
_ قولت يمكن تكون مش حابب تيجي .. يعني محبتش اضغط عليك 
ثبت نظر الثاقب بقوة داخل عيناها وقال بنبرة غريبة لكنها جميلة ومختلفة 
_ وأنا مفيش حاجة عندي أهم منك إنتي وهنا وابني اللي جاي .. خليكي فاهمة ده كويس أوي
طالت نظراتها المندهشة والسعيدة بنفس اللحظة برده المفاجيء لكن بالنهاية اشاحت بوجهها عنه وابتسمت خلسة بحماس وفرحة !! ...

بعد مرور ساعة خرجوا من غرفة الطبيبة وغادروا المبنى .. فتحركت جلنار تجاه سيارتها لكنه اوقفها بصوته الرجولي المريب وهو يقول 
_ رايحة فين تعالى هوصلك 
_ مفيش داعي أنا همشي في عربيتي ومعايا السواق هيوصلني 
توجه لسيارته ورمقها بنظرة شبه آمرة وعاضبة مردفا 
_ اركبي ياجلنار يلا متخلنيش اتعصب 
تأففن بصوت مسموع ثم سارت نحوه مجبرة وفتحت باب المقعد المجاور له لتستقل بجانبه وهي تزفر بخنق فتسمعه يقول بسخط 
_ من غير قلبة وش .. كنت منتظرة ايه مثلا اسيبك تركبي مع سواق وأنا موجود 
جلنار بغيظ 
_ والسواق ده مش حد غريب 
عدنان بزمجرة 
_ بنسبالي حد غريب وأنا مش بطمن على مراتي وولادي مع أي حد 
تمتمت بصوت خفيض في مضض 
_ لا مهتم أوي ماشاء الله ! 
_ بتقولي حاجة ! 
جلنار بنبرة مقتضبة 
_ لا ما بقول حاجة .. وياريت متلكمنيش بالاسلوب واللهجة دي تاني أنا عديتها وسكت بمزاجي على فكرة 
عدنان ساخرا 
_ بجد والله .. كنتي هتعملي إيه يعني ! 
أجابت ببرود مستفز وثقة 
_من غير ما أعمل احنا أساسا اتطلقنا وانت ملكش حق تكلمني بالطريقة دي وتتحكم فيا 
ضغط على قبضة يده بغيظ هادر واردف جازا على أسنانه يحاول تمالك أعصابه 
_ متفضليش تكرري الكلمة دي قدامي وتنرفزيني عن عمد
_ وتتنرفز ليه ما دي الحقيقة إننا اتطلقنا ولا أنا قولت حاجة غلط ! 
عدنان منفعلا وبنبرة صوت عالية 
_ وأنا رديتك لعصمتي ياجلنار
.................. نهاية الفصل ...........

_ الفصل الواحد والسبعون _
ثم تحرك ووقف خلفها ليرفع يديه ويفك عقدة الشريط حول رأسها ثم ينزعه عنها لتفتح هي عيناها وتتجول بنظرها حولها مذهولة وبعينان متسعتان على أخرهم من فرط الصدمة .
استقرت عيناها على تلك اللافتة الضخمة المدون فوقها دار الرحمة والمبنى المصمم بالطريقة العصرية والوانه جميعها مبهجة وجميلة تماما كما تمنت ! كل شيء مصمم كما رغبت هي به .. كأنه توغل داخل علقھا وقرأ أفكارها وتخيلاتها وصممها لها فوق أرض الواقع ! .
لطالما حلمت وتمنت أن تمتلك دار للأيتام تأوي فيه أطفال الشوارع المشردين وتعطيهم فرصة لحياة أخرى وجديدة بدلا من تلك التي سلبت منهم .
_ كل اللي جاي ليكي وبس يارمانتي .. تتمني أي حاجة بس وأنا انفذها .. لو طلبتي نجمة من السما مش بعيدة عليكي
زاد انهمار دموعها فوق وجنتيها بصمت لتلتفت له وتطالعه بعشق وامتنان .. لأول مرة يراها تتطلعه بهذا الشكل لم يكن الحب الذي بعينها كأي مشاعر سابقة شهدها منها .. مختلفة حتى في ابتسامتها التي شابهت طفلة صغيرة .. أو بالأدق كطفلتهم تماما حين تستحوذها السعادة .
ألقت بجسدها عليه وعانقته بحرارة وتركت العنان لشهقاتها حتى يرتفع صوت بكائها أكثر وتجيبه بصوت مبحوح من فرط البكاء 
_ أنا لو هتمني حاجة تاني من ربنا هي أنه يخليك ليا ياعدنان
_ ويخليكي ليا ياحبيبتي إنتي وهنا وابني اللي جاي في الطريق
ابتعدت عنه ورفعت يديها تجفف دموعها لتهمس له باسمة بتعجب 
_ أنت دايما بتتكلم عنه بصيغة الذكر .. إيه عرفك إنه هيكون ولد 
ضحك ورد بثقة غامزا وهو يمد كفه ليتحسس بطنها 
_ احساس قوي بيقولي إنه هيكون ولد 
رأت في عيناه رغبته ولمعته المختلفة التي تعبر عن أنه يتمنى أن يكون الطفل الثاني لهم صبي فابتسمت وتمتمت بعدما مالت عليه ولثمت وجنته برقة 
_ أن شاء الله يكون ولد ياحبيبي ويبقى شبهك كمان
دنى منها ولثم جانب ثغرها بحب ثم أردف بجدية امتزجت بحماسه 
_ طيب تعالي يلا افرجك على الدار من جوا 
لمعت عيناها بتشويق مماثل له وهتفت بفرحة غامرة 
_ يلا 
حاوط خصرها بذراعه وهي تسير معه بين ذراعيه وبعيناها تتنقل حولها تتفحص المكان كله بحماس أشبه بحماس طفلة .. حتى سمعت جملته التي أخفت ابتسامتها فورا 
_ الفترة اللي كنت بغيب فيها الليل كله عن البيت وبرجع متأخر وبتكلم طول الوقت في التلفون وبعيد عنك كان بسبب تجهيزات الدار .. مكنتش عايزك تشكي ولا تعرفي أي حاجة إني بجهزلك للمفاجأة دي
طالت نظراتها العابسة إليه .. نظرة ممتلئة بالندم والاعتذار على حماقتها وما حالت إليه علاقتهم بسبب سذاجتها وعدم ثقتها به .. زمت شفتيها بحزن وتمتمت بأسف صادق 
_ أنا آسفة ! 
عدنان بصوت رجولي قوي لكنه يحمل الحنو 
_ أنا مش بقولك كدا على تعتذري احنا قفلنا اللي فات كله وفتحنا صفحة جديدة وأنا نسيت .. لكن بقولك عشان اثبتلك أننا رغم كل اللي مرينا بيه في علاقتنا لسا مع بعض أهو
_ عشان الزهرة متقدرش تتخلى عن عقابها
رأته يتأملها بعينان هائمة كلها رغبة وغرام وكأنها سلبت عقله منه فراح يدنو منها دون أن يشعر لكنه توقف فجأة وبعينان متسعة لكليهما حين صدح صوت رجل مسن كان مارا من أمام الدار ورأى مشهدهم الرومانسي من خارج البوابة فظنهم عشاق بالسر .. ليقول پغضب وقرف 
غضن عدنان عيناه پصدمة وهو يتابع ذلك الرجل الذي ألقى بعباراته وسار مبتعدا .. ولا إردايا وجد نفسه يصيح عليه وسط دهشته 
_ مراتي والله يا حج !!! 
بينما جلنار فاڼفجرت ضاحكة وقبل أن تتعالي صوت ضحكاتها أكثر وجدته يرمقها شزرا ويقول وهو يدفعها للداخل 
_ ادخلي جوا .. عاجبك اللي حصل ده بسببك .. الراجل افتركني شاقطك 
دهشت للحظة من تحوله الغريب لكن سرعان ما عادت تضحك من جديد وقالت 
_ الله وأنا مالي أنا كمان ! 
عاد يتطلع باتجاه البوابة من جديد ويقول بحيرة 
_ وهو طلع من فين كمان .. المنطقة لسا متعمرتش ومفيهاش ناس كتير غير قليل جدا 
سكت لثواني ثم تابع بخنق 
_ ما تدخلي جوا يلا واقفة ليه !! 
جلنار بحماس 
_ أيوة يلا عشان اتفرج على الدار من جوا كويس كمان
عادت البسمة العبثية لشفتيه وغمز لها بوقاحة متمتما 
_ لا عشان نكمل كلامنا 
ثم وجدته يلف ذراعه حول كتفيها ويضمها إليه ليسروا معا للداخل وهو يتابع بخبث 
_ قوليلي بقى احنا كنا وقفنا فين .. كنتي بتقولي الزهرة لا تتخلى عن عقابها ! 
تعال صوت ضحكاتها الأنثوية وهو تنعته بوصف واحد وسط ضحكها وقح ......
توقفت السيارة أمام مبنى سكني ضخم وفاخر يحوى العديد من الشقق السكنية .. رفعت أسمهان نظرها من داخل السيارة لذلك الارتفاع الشاهق ثم انزلت رأسها وتحدثت للسائق وهي تفتح الباب 
_ خلاص ارجع أنت ياسعيد متستننيش 
رد السائق بهدوء 
_ تمام

48  49  50 

انت في الصفحة 49 من 74 صفحات