رواية نورهان كاملة
السنين نسوا أن لديهم طفلة صغيرة مفترضا أن يسألوا عنها أما هي فقد عاشت متجنبة التفكير فيهم تصب تركيزها على الدراسة والإهتمام بصحتها الضعيفة فقط.
بقلم نورهان محسن
فى محافظة الفيوم
تحديدا داخل اسطبل الخيول
إنكمشت ملامحه بذهول مستفهما بصوت أجش يا خبر ابيض انتي لسه بټعيطي يا دكتورة لميس!
اشاحت لميس وجهها بعيدا عن ذلك الرجل الذي بدا أنه في الخمسين من عمره وازالت بمحرمة ورقية دموعها العالقة على وجنتيها المقتحنة بالډماء لتقول بصوت متحشرج لا انا تمام .. بس زي ما تقول كدا اول مرة ليها رهبة شوية
فرحت لميس كثيرا بمدحه على أدائها لتنفرج شفتاها بابتسامة أظهرت جمال غمازة ذقنها لتهتف بامتنان ميرسي جدا يا دكتور كله بتوجيهات حضرتك
ادارت لميس عينيها نحو الكوب الممتلئ فوق الطاولة القريبة منهم متسائلة بتعجب مش هتشرب شايك يا دكتور!
هز رأسه سلبا ليقول بلطف مرة تانية .. سلامو عليكو
سلام ورحمة الله وبركاته
قالت لميس بإحترم تزامنا مع خروجه من المكان ورفعت ذراعيها لضبط شعرها الذي ربطته من الخلف مثل ذيل الحصان ثم بعد لحظات قليلة وجدت رجلا عجوزا يقترب منها
أجاب متولى موضحا بينما يمشى ورائها بين مقصورات الأحصنة كنت لا مؤاخذة بطمن علي الفرس مرتاح في مكانه الجديد
صمتت لميس قليلا تمسد جبهتها بتفكير ثم قالت بتبرم طيب كنت عايزة اسألك عن حاجة .. بس نسيتها .. اللهم ذكرني
تبسم متولى وقال بتعاطف معلش ليكي حق تنسي من كتر التعب اللي تعبتيه جنب مهرة
رد متولى ماسحا حبات العرق التى تلمع على جبينه الحمدلله ربنا سلم انها ولدت قبل سفرك بيوم واحد
وافقته لميس مبتسمة بمرح وهي تنظر إلى الحصان الذي كان رأسه بارزا فوق السياج الخشبي المغلق عليه معاك حق مش متخيلة ان ولادتها كانت ممكن تفوتني لو سافرت من هنا وهي عملتها من هنا .. بعد 11 شهر قاعدة جنبها مستنية اللحظة دي
تشدق صدغه قائلا بابتسامة جانبية و دا كلام يا دكتورة لميس!! شافه اومال ايه مش ابنه .. وماتتصوريش فرحته بيه قد ايه!!
ابتسمت لميس له ثم التفتت تستكمل طريقها محذرة إياه طيب المهم تخلي مهرة بعيد عنه
وصلت لميس إلى مدخل الإسطبل قائلة بلطف ربنا يديك الصحة يا عم متولي .. هروح انا علي البيت محتاجة انام جدا بجد
رد متولى عليها ببشاشة مع السلامة يا بنتي
بقلم نورهان محسن
خلال ذلك الوقت
فى مدينة المنصورة درة التاج الذى يلمع فوق رؤس كل أبناء الدقهلية
تحديدا داخل حى من احيائها المتوسطة
فتح أحمد باب المنزل بمفتاحه ليدلف إلى الداخل ووضع حقائبه على الأرض ثم استدار وأغلق الباب خلفه ليدور مرة أخرى ففاجأ بقفز شخص عليه وضمھ بقوة بينما ترنح هو للوراء لكنه أحكم يديه حولها ونطق اسمها متعجبا نادية!!
صدق من قال أن العناق هو لملمة أرواح ضاق بها اتساعها وهذا هو شعورها الآن بعد غياب طويل لتهمس بلهفة احمد يا حبيبي .. وحشتيني اوي
لم تتلق أي رد منه
إذ أصيب ذهنه بالصدمة حيث لم يكن يعلم هذا الشعور الذي كان يحوم بداخله منذ اللحظة التي رأى فيها ظهورها بهذا الشكل الجديد عليه.
انتبه أحمد لها وهي تحدق به بسعادة بعد أن خرجت من لتردف بعيون تشع بالحب حمدلله علي سلامتك
يا حبيبي .. نورت بيتك
سألها أحمد متمعنا النظر بها تسلمي يا حبي .. ايه اللوك دا جديد ولا ايه!
أنهى أحمد كلماته وهو يلتقط خصلة من شعرها الأشقر المصبوغ لتجيبه نادية ببساطة من باب التغيير يا روحي .. مش حلو عليا!!
سألته نادية دافعة شعرها للخلف بنعومة فأجابها بإعجاب بالعكس شكلك زي القمر فيه
تابعت نادية بسؤال أخر لكن بنبرة منخفضة أكثر والفستان .. ايه رأيك فيه عجبك!
تأملها أحمد في ذلك الفستان الأزرق و ينسدل إلى كاحليها بنصف أكمام ليعاود النظر إليها هامسا بصوت رجولي أجش محليكي اوي هياكل منك حته يا عسل العسل
غمغمت بنعومة فطرية ربنا يخليك ليا يا حبيبي
حمحم أحمد بخفة ثم توجه إلى إحدى الأرائك ليجلس عليها باريحية ثم سألها ملتفتا برأسه يمينا ويسارا اومال فين زينب
أجابت نادية متتبعة إياه ثم أجابت على سؤاله وهى تجاوره على الأريكة اول ما صحيت من النوم نزلت بتلعب عند ستها
قطبت نادية جبينها بدهشة وتابعت مستفسرة هو انت ماعديتش عليها ولا ايه
قال أحمد نافيا هغير هدومي وابقي انزلها .. بس الاول عايز اشرب ريقي ناشف اوي
نهضت نادية على الفور لتقول سريعا خلاص خش غير .. وانا هجيبلك تشرب
بقلم نورهان محسن
عودة إلى مدينة القاهرة
فى سيارة هالة
تقود هالة سيارتها متوجهة إلى مكان عملها هائمة مع جارة القمر ذات الصوت الملائكي فيروز فهي فنانتها المفضلة في كل الأوقات.
تنهدت هالة بصوت عال وظل عقلها يدور في دوامات الأفكار التي تتداخل وتتشابك في رأسها وتزداد تعقيدا كلما تعمقت في تفكيرها حتى تذكرت ظهورها الطفيلي في حياتها بدأ الأمر منذ تلاوة الفاتحة حيث أخذ يتردد اسم تلك المرأة بين أفراد عائلته في المنزل بشكل عفوي شديد وحتى على شاشة هاتفه تم تداول مكالمات ورسائل بينهم أمام عينيها هذا ما جعلها تسأل عن هوايتها ومن تكون وقد تفاجأت جدا من بساطة رده عليها من وجهة نظره عندما قال بمديح رهيب
دي البيست فريند بتاعتي .. قريب هعرفك عليها .. هتحبيها اوي .. هي لذيذة جدا وطيبة جدا وجدعة جدا جدا
خرجت هالة من شرودها على صوت رنين هاتفها الذي تم تثبيته على حامل معدني في لوحة الإعدادات لتنظر إلى شاشته التي أضاءتها صورة فتاة ذات وجه جميل ثم حولت انتباهها مرة أخرى إلى الطريق وهي تضع سماعاتها اللاسلكية
في أذنيها لتنقر على الشاشة هاتفة ببحة خفيفة في صوتها ايه يا حبيبتي!!
ردت الأخرى بإستفهام حينما لاحظت تحشرج صوت الأخرى مال صوتك انتي لسه نايمة ولا ايه!
ضيقت هالة ما بين حاجبيها بدهشة ثم أجابت مستنكرة نوم ايه بس !! الساعة داخلة علي عشرة يا لميس .. انا رايحة علي المستشفي .. انتي اللي باين علي صوتك نيمانة خالص!
رفعت لميس يدها لتفرك عينيها بخفة وهى تخبرها بنبرة مرهقة اه والله يا هيوش فضلت طول الليل سهرانة جنب عزيزة لحد ما ولدت .. مغفلتش ولا لحظة
صدح صوت هالة بدهشة ايه دا