روايه حزينه الفصول من السادس عشر ل العشرون بقلم الكاتبة الجليله
تتنهد بإنكسار لم تتذوق سواه وما هي إلا لحظات واستسلمت لصوت جسدها المتعب ونامت ودمعاتها الدافئة تنساب على وجنتيها ...
.......................................
انتهى مالك من ترتيب متعلقاته الشخصية في خزانة الملابس بغرفته في منزل رفيقه نادر ..
ذلك الرفيق الذي ندر وجوده في تلك الأيام ..
كان عرضه سخيا بحق .. فرصة عمل مميزة من وجهة نظره بإحدى شركات الإستيراد والتصدير متعددة الجنسيات والتي يعمل بها كمدير تنفيذي ..
أراد فرصة ليبدأ فيها من جديد ..
فرصة تتيح له الوقت ليلملم شتات نفسه ويستعيد هويته التي ضاعت بخيانتها ..
إيثار .. مازال صدى اسمها يتردد في أذنيه وطيف ضحكاتها الناعمة تداعب قلبه ووميض نظراتها الباسمة تسيطر على عقله ..
غمازتيها .. تلك العلامتين التي طالما أسرته ..
كم ېقتله الحنين إليها ..
تنهد بعمق لأكثر من مرة محاولا إبعادها بيأس عن ذاكرته ..
ظل يذكر نفسه مرارا أنها لم تعد له هي خائڼة العهود هي التي إرتضت بغيره لأنها أقدر ماديا وأوهمته الحب .. فتركته يقاسي بمفرده في غربة موحشة ..
فردد مع نفسه إحدى قصائد نزار الشعرية مواسيا روحه
أحبك أنت
وما بين واحدة ودعتني
وواحدة سوف تأتي
أفتش عنك هنا وهناك
كأن الزمان الوحيد زمانك أنت
كأن جميع الوعود تصب بعينيك أنت
فكيف أفسر هذا الشعور الذي يعتريني
صباح مساء
.....................................
مد محسن ذراعه وهو شبه غاف إلى جواره ليتلمس زوجته الجميلة فوجد مكانها خاويا وباردا ففتح عينيه فجأة .. وضاقت نظراته المنزعجة وهو يفتش عنها سريعا ..
جرجر قدميه وهو يتحرك للخارج ..
رأها وهي غافية و متكومة على نفسها على الأريكة في روبها القطني فأثارته وحركت غرائزه نحوها ..
تقوس فمه بإبتسامة عابثة ودار برأسه أفكار طائشة ..
اقترب منها وجلس إلى جوارها .. وظل يطالعها بنظرات دقيقة أكثر جرأة ..
تململت إيثار في نومتها الغير مريحة وشعرت بلمسات حذرة على بشرتها أصابتها بالقشعريرة ..
رعشة باردة دبت فيها فجأة ففتحت عينيها مذعورة وحدقت فيه بهلع ..
رأت يديه على جسدها فأبعدتهما پخوف وضمت سريعا فتحتي روبها لتغلقه جيدا ..
في ايه شوفتي عفريت !!!!
نظرت له متأففة وحاولت النهوض وهي تجيبه بتلعثم
أنا .. انت آآ...
قاطعها قائلا بشراهة أرعبتها أكثر
أنا عاوزك
جفل جسدها من نبرته وتفاجئت به يميل عليها رغما عنها وهو يتابع بهمس زاد من شعورها بالنفور
لسه بتتكسفي مني يا عروسة !
وضعت قبضتيه على ذراعيها فدفعته بعيدا عنها بركبتيها المضمومتين رافضة أي محاولة منه لتحقيق مبتغاه ولكنه أبى ألا يتركها ..
فقد طاب له التمتع بها ..
وها قد عاود تكرار فعلة الأمس ليزيد من إزدرائها لنفسها .....
جمعت تحية صحون طعام الإفطار الفارغة وهي تتنهد بحزن ..
كانت ملامح وجهها عابسة للغاية نظراتها شاردة ..
تشعر بإشتياق إلى ابنتها الوحيدة رغم أنها لم تفارقها إلا بالأمس ..
رأها عمرو على تلك الحالة الواجمة فاقترب منها وسألها متعجبا
ايه اللي مضايقك
ردت عليه بإقتضاب
مافيش !
أدرك عمرو دون أن تنطق والدته أن سبب حزنها هو شقيقته فإبتسم قائلا بمرح
شكل البت إيثار وحشتك
ردت عليه بصعوبة وهي تحاول منع عبراتها من الإنهمار
اسكت ياعمرو قطعت بيا !
لف ذراعه حول كتفيها وقبل أعلى رأسها وهو يضيف بتحمس
ياماما هي لحقت ده تلاقيها متهنية مع محسن ومتمرمغة في العسل !
تنهدت تحية قائلة بتمني
يا ريت يا بني لأحسن قلبي واكلني عليها أوي !
وكأن شكوك والدته قد أرقت ضميره الذي حاول إسكاته منذ الأمس .. فكلمات إيثار الجافة قد أحدثت أثرا غائرا في نفسه حتى لو حاول إنكار هذا ...
..............................................
تراجع محسن بجسده للخلف بعد أن فرغ من بث رغباته المشحونة ومسح لعاب فمه بكفه وحدج إيثار بنظرات غريبة ثم أردف قائلا بجمود
قومي يا حلوة جاهزيلنا بايديكي الطعمين دول لقمة ناكلها قبل ما نتوكل على الله ونسافر !
لم تعقب عليه بل إكتفت بالنظر إليه شزرا وهي تعيد غلق روبها بيدين شبه مرتعشتين ..
نهض عن الأريكة وتحرك نحو المرحاض ليغتسل فدفنت إيثار وجهها في راحتي يدها لتبكي بأسف حالها ..
هي ليست كأي عروس سعيدة بزواجها .. هي تعاني بمرور اللحظات وهي في أحضان ذلك السمج المقيت الذي تبغض اقترابه منها ..
وها هو ېحطم فيها مشاعر الود والألفة من جديد ..
لم يدفعها لحبه بالرفق واللين بل تجاهل مشاعرها تماما وكأنها مجرد وعاء ينفث فيه طاقاته المكبوتة قاټلا فيها أي إحساس بالحب والرغبة ...
.......................................
أعدت تحية وجبة الطعام للعروسين وأضافت عليها الكثير من الفاكهة والحلوى